ميقاتي يوسّع صلاحيات مجلس الجنوب

ميقاتي يوسّع صلاحيات مجلس الجنوب على حساب الهيئة العليا للإغاثة

لبنان عربي – مصطفى العويك

يدرك كل من يعمل في السياسة والاعلام، ان للرئيس نجيب ميقاتي، طرقه الخاصة في الحكم، والتعامل مع الآخرين، وانه ممن يتبعون قاعدة: “واعملوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، وأمهر من دوّر الزوايا، وأتقن فن التأجيل والتسويف، وأسرع من يسهّل وينفّذ ما يطلبه أخصامه بالسياسة، أو قل من يظهرهم الاعلام كذلك، لأنه في قاموس ميقاتي لا توجد كلمة خصم، ولا كلمة حليف، يغرق من يريد من حلفائه متى انتهت حاجته اليهم، ويجعل الخصم قائدا لمركبه متى استدعت الحاجة ذلك…والشواهد على ذلك كثيرة.

ولأنه رجل أعمال ناجح، يكثر الهروب مما “يوجع الرأس”، فيحب أن تأتيه “الصفقة” ناجزة جاهزة، ما عليه الا التوقيع بعد التدقيق في المردود والربح الماديين.

ويبدو أن المردود السياسي من “الهيئة العليا للاغاثة”، تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب الحرب الاسرائيلية على لبنان، وبات المطلوب تغيير الجهات المستهدفة شعبيا وسياسيا كما الاليات المتبعة للوصول اليهم، في محاولة لتثبيت “شراكة إغاثية” فعلية مع حركة أمل عبر توسيع صلاحيات مجلس الجنوب، ليطال جغرافيا مناطق الاعتداءات في بعلبك الهرمل، عاليه، الشوف، البقاع، والضاحية الجنوبية، بالاضافة طبعا الى مناطق الجنوب التي هي في الأصل في صلب مهامه.

وكذلك، نقل كل الاعتمادات المالية المعنية بالاغاثة والكشف عن الأضرار ومسحها والتعويضات عنها، أيضا لصالح مجلس الجنوب.

وبهذا يكون ميقاتي قد حوّل صلاحيات الهيئة العليا للاغاثة التي تطال مهامها كل لبنان، الى مجلس الجنوب الذي يعمل وفقا لتوجيهات سياسية من قبل حركة أمل، والتي يبدو أن الرئيس ميقاتي يسعى بشكل جدي لارضاء رئيسها بشتى السبل ولو كان ذلك على حساب الطائفة السنية التي ينتمي اليها، عبر تفريغ الهيئة العليا للاغاثة من مهامها وصلاحياتها مقابل تعزيز وتوسيع صلاحيات مجلس الجنوب.

فالقضية ليست قضية اقالة لواء عرف بتفانيه للخدمة العامة، وحرصه على المال العام وشفافيته، وانضباطه بحيث كان يُطلع رئيسه المباشر أي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على كل شاردة وواردة ترتبط بعمل الهيئة، وما كان يحيد قيد أنملة في تنفيذ احالات مجلس الوزراء او كتب رئيس الحكومة.

وبالتالي فان المسؤول الفعلي عن عمل الهيئة هو رئيس الحكومة وهو من يجب ان يحاسب، اما اللواء خير فهو عبارة عن آداة تنفيذية على الارض ليس الا، يُطلب منه التوزيع فيوزع، يشار اليه لوضع آليه فلا تبصر النور الا بتوقيع رئيس الحكومة.

لذا فالقضية هي سياسية وليست ادارية، بمعنى ان الرئيس ميقاتي يحاول ان يكون شريكا في اعادة الاعمار، وما الاجتماع الذي عقد بالأمس بحضور ممثل عن الحكومة مع شركة خطيب وعلمي لدراسة ملف الردميات الناتجة عن القصف، الا بداية لتقسيم “الذهب الأبيض” على القوى التي أنجزت اتفاق وقف اطلاق النار ومن يحوم حولها.

وللتذكير فان الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة، رفض بشكل قاطع عقب انتهاء حرب تموز 2006، أن يمنح مجلس الجنوب الصلاحيات الواسعة التي مُنحت له اليوم، وحصر كل ما له علاقة بازالة الردميات واعادة الاعمار والتعويضات بالحكومة اللبنانية، ليس انتصارا لطائفة على اخرى وانما للتأكيد على أولويات العمل المؤسساتي الدولتي على ما عداه من قرارت “غب الطلب”، تتقدم فيها المصلحة السياسية على مصلحة الدولة.

فما هو الثمن السياسي والتنموي الذي يرجوه ميقاتي من وراء ما فعل؟

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *