من ذاكرة أبي في سجن تدمر

من ذاكرة أبي في سجن تدمر

كان أبي يتجنب انو يحكيلي عن السجن و عما تعرض له
بل كان يتهرب بشكل انه يقول لي .. يا ستار ..
يا بنتي بقلك شغلة وحدة ..بقدرة قادر كان التعذيب ينزل على جسدي بردا و سلاما
و يقفل الموضوع بشكل حازم و كنت احترم رغبته

لمرة سألته .. مين كان معك و شو صار فيون يا ترى
وقتها بس حكالي حادثتين
بدأ بأن بالسجن الجميع كان بيعتقد انو فيه اخوان مسلمين فقط
ولكن كان فيه نسبة كبيرة من المسيحيين و العلوية
و كان للعلوية حصرا النصيب الاكبر بالتعذيب( هؤلاء العلوية كانو معارضين لحافظ الاسد و في منهم من مناصري صلاح جديد و هدول اعتقلهم النظام و شنع فيهم لحتى يربي فيون الطائفة العلوية لحتى ما يرفعو راسن قدامه )

و حكالي عن فهيم مريم .. كان بقيادة حزب البعث و معارض للنظام تم اعتقاله و هو من الطائفة العلوية
حكالي كيف تحداهم .. رغم انو اجته توصية و كان على وشك الإفراج عنه و لكنه ووفي اخر لحظة استمر يتحداهم و حتى سبهم و شتمهم
و قتها المسؤول عن سجنه أعلن انه لن يرحمه ولو جاءت فيه توصية من الله بذات نفسه ( استغفر الله ) لن يفلت من التعذيب و منه
و فعلا قضى وقت طويل ينكل فيه و ينتهك و يعذب بشكل وحشي بشع
المساجين بكو و اصبحو يدعو له بالموت ليرتاح
ثم جاء اليوم الذي حدد فيه اعدامه

اخبرني والدي يومها اخرج كل المساجين من المهاجع إلى حيث منصة الإعدام
ليشهدوا عملية الإعدام و ليروا بأعينهم ما مصير من يتمرد
كي لا يتجرأ أحدهم ..و خاصة ممن هم من أبناء الطائفة العلوية
و ظهر فهيم مريم و هو يساق لاعدامه .. وصفه والدي و قد اشاد بشجاعته رغم كل التعذيب الذي طال جسده و اوهنه
انه كان يمشي بخطى واثقة متحدية لم يكن خائفا من الإعدام على العكس تماما

و اخبرني عادة عندما يحين موعد إعدام السجناء كانوا يخلعون عنهم ملابسهم و يعطونها لاصدقائهم كي لا تتلف عندما يفارقون الحياة فيوزعون ملابسهم على اصدقائهم كعرف متبع بين السجناء .. و ذلك بسبب شح الملابس و الحاجيات التي تمثل قمتها انذاك ككنز ثمين في مكان كسجن تدمر

في تلك الأثناء و عندما كان فهيم مريم يمشي بكل تحد إلى مكان اعدامه، قام بخلع ملابسه بنفسه و بدون اي مساعدة و قام باعطاء ملابسه لاصدقائه و قد كان عاريا تماما و هو يتقدم بدون اي تردد او خوف باتجاه مكان اعدامه
و تم اعدامه و هو رافع رأسه
دون ان يرف له جفن

السجن لم يميز بين الاديان او الطوائف
النظام الاسدي نكل و ظلم و أذل كل السوريين بدون اي استثناء.

مها الأتاسي

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *