لبنان..ضيق.. وأمل..بقلم خالد بركات..

لبنان..ضيق.. وأمل..بقلم خالد بركات..

واقع المعاناة واصرار المواجهة..
لكل متابع للشأن اللبناني، قد يبدو للوهلة الأولى العنوان يشبهنا، لأن ما شهدناه وعشناه من مرارة وحالة تتلمس الواقع المتردي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، تحت وطأة الفقر والبطالة والقلق على المصير والهجرة والمعاناة اليومية، و….
ولكن الحمدلله الٱمال عادت، بعد تراجعاتها..

قصة من واقع الحياة، كادت تشبهنا..!!..
ذات مرة كان هناك صديقان..
أحدهما صحفي والآخر مدير سجن، وهكذا قرر الصحفي أن يكتب مقالاً عن المحكومين بالإعدام، أو بالأحرى، عن الأسبوع الأخير من حياتهم، ماذا يفكرون وكيف يتصرفون، إلخ….
زار صديقه مدير السجن وقال: أريد أن
أكتب مقالًا، وليصبح حقيقيًا هل يمكن أن تضعني في زنزانة لأسبوع مع السجناء المحكومين بالإعدام لأرى حياتهم من الداخل..
فكر صديقه مدير السجن وقال له : حسنًا سأضعك في السجن، ولكن لا ينبغي لأحد أن يعرف بهذا الأمر، سأقوم بإعداد الوثائق ذات الصلة، ولكن لا تخبر أحداً، وإلا فسوف يطردونني إذا اكتشفوا ذلك..
وتأخذ أنت بضعة أسابيع إجازة من رئيسك حتى لا يعرف مكان وجودك أيضًا..
باختصار..تمكنوا من حل المسألة، وفي صباح اليوم التالي وجد الصحفي نفسه في السجن
مع سجناء محكوم عليهم بالإعدام..
وبحسب الوثائق، تم إدراجه كقاتل متسلسل..
وكان من المقرر أن يُحكم عليه بالكرسي الكهربائي في غضون أسبوعين، وهكذا يجلس الصحفي لمدة خمسة أيام، يدون ملاحظاته
ويراقب السجناء المحكوم عليهم بالإعدام
ثم تنتشر شائعة في السجن بأن مدير السجن توفي فجأة وأن جنازته غدًا..
فجأة دق قلب الصحفي، وبدأ على الفور بضرب الباب والصراخ لقد تم تنفيذ طلبه ليتم نقله إلى نائب رئيس الشرطة على الفور، وفي مكتب النائب بدأ الصحفي يروي قصته، وأنه ليس سجينًا حقيقيًا وأنه يكتب مقالاً، وأراده حقيقياً
وكان على اتفاق مع صديقه مدير السجن إلخ..
إستمع إليه النائب بإبتسامة وأجاب أن هذا رد فعل طبيعي لشخص سيتم إرساله قريبًا إلى الكرسي الكهربائي، وطلب من الحارس أن يأخذ الرجل المسكين أي الصحفي إلى زنزانته..
وبدأ الصحفي بالمقاومة، فتلقى بسبب ذلك ضرباً مبرحاً من السجانين..
عندما تم إحضاره إلى الزنزانة، استمر باللمقاومة والصراخ بأنه كان هناك بالصدفة، وأن خطأ فادحًا يمكن أن يحدث، وهكذا هو الحال كل يوم، وطالبهم بالاتصال به في العمل، والاتصال بالجهات المعنية، وتقديم طلب بشأنه، ولكن لم يستمع إليه أحد، بل كانوا يضحكون عليه فقط..
لليوم العاشر، أدرك الصحفي أن كل محاولاته لإنقاذ نفسه، بلا جدوى، وبدأ يستعد للأسوأ..

وفي اليوم الثالث عشر، جاء نائبه إلى زنزانته وأخبره أن تنفيذ حكم الإعدام فيه سيتم في اليوم التالي عند الساعة العاشرة صباحًا، وسأله : إذا كان يريد شيئا، فأجابه الصحفي بأنه يجب عليه أن يفعل كل ما طلبه من قبل..
ابتسم النائب وقال أنه اتصل بمكتب التحرير الذي أشار إليه الصحفي وأنهم أبلغوه أن الرجل في إجازة حالياً، وردت وكالات إنفاذ القانون بأنك في الحقيقة نفس القاتل المتسلسل..
لم يقل الصحفي شيئاً، بل بدأ فقط في البكاء..
لقد قام صديقه بتزوير الوثائق جيداً..
وفي صباح اليوم التالي تم نقله إلى الغرفة التي كان يوجد بها الكرسي الكهربائي، أجلسوه عليه وبدأوا بتنفيذ الإجراءات، كانت ركبتا الصحفي ترتعشان وقلبه ينبض بقوة، الآن سيموت..
وعندما كان كل شيء جاهزًا للإعدام..
فجأة يدخل إلى القاعة، مدير السجن بنظرة مبتسمة ويقول : ها أنت ذا يا صديقي..
الآن يمكنك كتابة مقالتك الخاصة عن ما يشعر به السجين المحكوم عليه بالإعدام قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه..!!
حينها علم الصحافي إنها كانت خدعة..
ولكن ليكتب القصة عليه أن يعيشها..

العبرة..رغم واقع المعاناة، لكن إيماننا بالله والوطن يزيد إصرارنا على البقاء في الوطن وعلى قيد الحياة..
الحمدلله بإنتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، لربما حان الوقت لإنقاذنا من الإعدام، وقبله من اليأس والخوف والإنتحار أحياناً..

فما يستلزم نهضة موحدة الأطراف والأهداف والتوجهات والبرامج لتتمكن من النهوض بالوطن ومعالجة الواقع المأساوي والمرير..

وليس مطلوب منا جميعاً أي خطوة إلى الوراء
ولا مسموح العودة إلى الماضي القريب، وربما البعيد، لإعادة تقييم الواقع، ولمراجعة مجمل السياسات المتبعة، والنتائج المترتبة عليها للمضي قدماً نحو الأفضل.
ومن هنا نرى الكم من الٱمال التي عقدت على خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد
جوزاف عون، وعلى الحكومة العتيدة برئيسها الدكتور نواف سلام ووزراؤها الكرام..
لا بل شكلت حافزاً مهماً، مع صلواتنا وتمنياتنا بالنجاح بالمهمة الموكلة إليهم، والثقة المعطاء لهم، واجب الإنطلاق للمستقبل، والإنطلاق بتوجهات جديدة لإنقاذ الوطن والمواطن..

اللهم..إحمِ الوطن وشعبه العاشق للحياة….

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *