” خلطة ….. فلك “و من الحب ما قتل !!

” خلطة ….. فلك “و من الحب ما قتل !!

تحية المساء

بقلم : د. فلك مصطفى الرافعي

ليس من عبث أن يطير هذا المثل كالنار في الهشيم ، فهو وليد الخبرة و التجربة ، و ليس فقط من قبيل الحكمة و الثقافة ، و إن كان يحمل بذورهما ..
فتحتْ هذا المُسمّى و بدافع الحب المفترض أو المبني على أسس واهية أو مغلوطة أو ممارسة خطأ للوداد ، تتعرض الأنفس للأذى المؤدي إلى الموت غالبا ، و كم تداولنا في حداثة التعليم عن قصص تصبّ في هذه الخانة …
يُحكى أن دبّا يعشق صاحبه لحسن معاملته و يخاف عليه و يدافع عنه أمام الضواري ، فيحميه من عبث القوة .. و في يوم إستراح صاحب الدبّ في ضلع وارف من ضلوع الغابة حيث كان يحتطب ،و راح في سُبات عميق لفرط التعب .. و كان الدب صاحيا مراقبا أية حركة تؤذي الرجل ، غير أن ذبابة عابثة راق لها إستعراض خفتها و نزقها على وجه النائم ،و في غريزة معقولة حاول الدبّ منعها وفق أساليبه البدائية ، و لما لم يفلح و لم ترعوِ الحشرة اللئيمة عن غيّها ، بحث الدبّ الوفي عن حجر كبير ، و انتظر وقفتها على الوجه الحالم ، و ضربها حيث هي ، و لا ندري هل نجت بفعل سرعة بديهيتها من استشعار المخاطر ، غير أن من المؤكد أن صاحب الدبّ قضى نحبه تحت راية :
” و من الحب ما ….. قتل !!”
قصة رجل و دب و ذبابة ، أي أنها بين العقل و الغريزة المتأرجحة بين الحيوان الضخم و الحشرة الصغيرة …

إلى امير الشعر العربي ” المتنبي” و امانيه المأزومة بتولي إمارة ، و لم ُيُفلح مع صديقه امير حلب و لا مع كافور الاسود امير مصر ، فعاد أدراجه يجرّ خيبات و لا يلوي على شئ قاله في مدح غيره أو نفسه أو ما قاله في هجاء ،، و من ابياته ما أصاب قريبة فارس و يُدعى الضبّة، حتى التقاه في تعاريج طريق بعيدة عن صحبة أبي الطيّب ، فطلب نزاله لأنه أساء القول و رمى إمراة بالعيب ، فحاول المتنبي و هو يعلم مدى فتك و بطش مبارزه أن يتملّص ، غير أن غلام المتنبي المُحب له و العاشق لقصائده قال له : اقبل سيّدي أما انت القائل :
” الخيل والليل و البيداء تعرفني ،
و السيف و الرمح و القرطاس و القلم”…
و يُحكى أن أبا الطيّب و هو يترجل عن فرسه تمتم قائلا : ” ويحك يا غلام لقد قتلتني “… فكان حب مرافقه له و غيرته عليه و ظنّه أنه المقدام جعله المساهم الأول و بإسم الحب أن يكون بطل القوافي ، مجرّد قافية شعبية في جدول ….؛
“و من الحب ما…. قتل !!”

هي قصص قديمة ؟؟ … اجل !!
فهل إتعظنا و هل أخذنا الحذر من تجارب من سبقونا ؟؟ فلننظر كيف البعض يقتل أولاده حبّا بالدلال و سوء التربية و عدم إجراء أدنى درجات العقاب إن اخطأوا أو تراجعت مستويات علاماتهم المدرسية ، و كيف يقتل البعض فلذات أكبادهم عندما يخضعون لطلبات فيها الكثير من الإتكال و عدم الإكتراث و الحيطة و الحذر من مركبات سريعة فارهة أو ممارسات قاتلة أو إعتداءات على الغير تقودهم للموت …
هي قصص قديمة؟؟ …. اجل !!
و نحن على مدى عقدين من الزمن و اكثر نقتل وطننا و ندمره بإسم الحب ، و كل محترب يرفع راية البلد و يصوّب على الآخر بإسم حب الوطن ، و الآخر يبادله نفس الحب و الشعور و الوسيلة في التخريب ..
فكلّما رأيتُ دمارا أو انهيارا أو إحترابا عبثيا ، ليس من عدو فقط و إنما من أهل الدار صرختُ بصمتٍ موجع :
” و من الحب ما….. قتل !!”
مات الكثير و لكن أدعياء الحب القاتل ما زالوا أحياء ….
دبّ الرجل ، و غلام المتنبي كلهم متربصون في شوارعنا العربية و أزقننا و مضارب قبيلتنا و أحكامها و حكّامها !!….

( مركز النهوض الاعلامي الثقافي و الاقتصادي )

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *