“دبابات” الفاتيكان.. من ستالين الى نتنياهو!..

“دبابات” الفاتيكان.. من ستالين الى نتنياهو!..

مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٤/٢٨
ووري البابا فرنسيس الأول الثرى في الحنايا الإيطالية، مصحوباً بكم ٍ عالمي من التقدير، نظراً لإنسانيته المفرطة وحزنه على ما حصل من إرهاب في قطاع غزة، عبر نعش متواضع في كنيسة “ماريا ماجوري” التي أحبها، بعكس المدافن الفخمة في كاتدرائية القديس بطرس. في حين حجبت وزارة الخارجية الإسرائيلية خبر نعيه احتجاجاً على مواقفه من الحرب التدميرية على غزة، من دون إعطاء أي توضيح لذلك.
وكان قد جاء على منصة حساب دولة كيان الاحتلال النص التالي: “إرقد في سلام أيها البابا فرنسيس، لتكن ذكراه مباركة”، بالإضافة إلى صورة له وهو يزور الحائط الغربي في القدس.
وبعد أن تم حذف النص، نقلت صحافة الكيان عن مسؤولين قولهم إن “البابا أدلى بتصريحات ضد إسرائيل” وإن المنشور وُضع على منصة التواصل الاجتماعي “بالخطأ”. في حين رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق على أسئلة الصحافة حول ما حدث.
ما حصل في القدس المحتلة خلال الأيام الماضية، يُذكِّر بما حدث على هامش مؤتمر يالطا في شهر شباط 1945، أي إبان الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، عندما أخبر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، وكانا حليفين في تلك الحرب مع آخرين، أن بابا الفاتيكان قد أعلن الحرب على الزعيم النازي أدولف هتلر، فأجابه ستالين ساخراً: “كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟”!

وقال حينها المراقبون إن تلك السخرية أتت من زعيم شيوعي يؤمن بالفكر الماركسي الذي يَعتبر أن السياسة تُقاس بالقوة المادية التي وراءها، كالسلاح مثلاً، وليس بالقوة الروحية والمعنوية لحاضرة الفاتيكان التي ترعى أكثر من مليار ونصف من المسيحيين الكاثوليك على الكرة الأرضية.

ويبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو المتغطرسة، التي دمرت قطاع غزة بنسبة ثمانين بالمئة، وتحاول إبادة شعب بكامله أو إجباره على ترك أرضه، إعتقدت أنها إذا حذفت تغريدتها عن البابا الراحل ستقلّل من هيبة غيابه. في حين أن الواقع يقول إن حكومة نتنياهو، التي تتّهم الآخرين بالإرهاب واقترفت من أساليبه ما لم تُقدم عليه حكومة في العالم، خافت من رد فعل مستوطنيها أولاً، وارتعبت من حجم رد الفعل الدولي تأثراً بما أدلى به البابا فرنسيس من مواقف رافضة ومستنكرة تجاه الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في غزة الذي تُمنع عنه أقل مقومات الدعم الإنساني، بينما تقف معظم دول العالم متفرجة، وكأن إبادة بعض الشعوب لا تعنيها بأي شكل من الاشكال.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *