بين هاري ترومان ودونالد ترامب…

بين هاري ترومان ودونالد ترامب…

مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٦/٢١

من المتعارف عليه أن حكام الدول يتم استذكارهم بمفهومين: إما بحاكم متّزن حكيم يرفع شأن شعبه ودولته، أو بمتسلط دكتاتوري يبطش ويتخذ القرارات العشوائية التي تؤدي بدولته وشعبه إلى الهلاك.

الأمثلة كثيرة، والتاريخ عادة ما يشير إلى الإثنين. الرئيسان الأميركيان هاري ترومان ودونالد ترامب، من الأمثلة على ذلك!

الأول تسلم الدولة بعد وفاة سلفه فرانكلين روزفلت الذي أدار بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، وشهد تدمير أحد اساطيلها البحرية في ميناء بيرل هاربر من قبل طائرات الامبراطورية اليابانية من دون أن ينخرط فيها بشكل مباشر. لكن ترومان، وبعد تسلمه سلطاته بأربعة أشهر، إتخذ قرار قصف مدينتي هيروشما وناكازاكي اليابانيتين بالقنابل النووية، لأول مرة في التاريخ، وأجبر تلك الامبراطورية على الخضوع والاستسلام مع حليفتها ألمانيا التي كان يتزعمها أدولف هتلر، والتي قيل حينها إن الأخير لو استطاع انتاج تلك القنبلة القذرة لنجح في ربح الحرب، والسيطرة على العالم. بذلك استطاع ترومان توسيع نفوذ بلاده عالمياً على حساب الدوتين المستعمرتين في حينها: بريطانيا وفرنسا.

أما ترامب الذي يُعدّ من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في السياسة الأميركية، ويُتهم بالاندفاع في قراراته بما يشبه التهور، ومن ثم العودة عنها بما يوصف بالتقهقر، قد سجّل عدة دعسات ناقصة في هذا المجال منذ تسلمه مقاليد الحكم في ولايته الثانية مطلع هذه السنة:

رفع الرسوم الجمركية أضعافاً مضاعفة على الصين، ثم أجرى معها محادثات سرية ومعلنة من أجل التوافق على مخارج بعدما لمس أنه لن يستطيع كبح جماحها الاقتصادي والتجاري.

هدّد بضم كندا إلى الولايات المتحدة الأميركية، ثم تراجع خطوات بعد تصريحات لرئيس وزرائها، وبعد مشاركته في قمة السبع على أراضيها أعلن أنه بصدد التوصل إلى توافقات معها.

وهناك الكثير من القرارات والمواقف المرتبطة بروسيا وغيرها التي أعاد ترامب النظر فيها. وها هو ينتظر منذ أسبوع ليقرر ماذا سيفعل بشأن الحرب بين العدو الاسرائيلي وإيران، والتي يسعى بنيامين نتنياهو بدفعه إلى الانزلاق فيها.

صحيح أن إيران ليست اليابان أو المانيا من حيث التطور التكنولوجي. ولكنها كانت امبراطورية، ولها بصمات جلية في التوسع والصمود والتعاطي مع الظروف القاهرة.

من هنا، فإن السؤال: هل سينجح ترامب في إكمال ما وضع أسسه ترومان ومن سبقه ولحقه.. أم أنه سيأخذ بلاده إلى مكان آخر من التاريخ؟

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *