راية سوداء في أيلول!
مرسال الترس
موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٩/٣
يعود أيلول هذه السنة وشرائح كبيرة من اللبنانيين تضع يدها على قلبها، من أن يركب أصحاب العقول المريضة “ظهر المجن”، متأثرين بأصوات خارجية، فيجرّون لبنان إلى صراعات طائفية أو مذهبية جديدة، تكون كافية لإحداث الشروخ الكبيرة في جسم الوطن المثخن أصلاً بالخلافات والأزمات، وبالتالي لإعلان انتصار العدو بشكل كامل لأنه هو الذي يخطط لهذا المشهد منذ عقود!
وكلما تردّد اسم أيلول، في ظل خلافات سياسية معقدة، يتقدم في الذاكرة مشهد أيلول الأسود على الأراضي الأردنية، وفي مفاصل معينة على الأراضي اللبنانية وسواها، معيداً مشهد الدم الذي أريق وما زال يراق على هامش القضية الفلسطينية واستعادة القدس المحتلة وفي حناياها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة!
وفي مراجعة سريعة للمواقف والتصريحات، يمكن استخلاص التالي:
إذا كانت هناك في لبنان رؤوس حامية مستعدة لخوض صراعات وحروب جديدة، بإشارات مشجعة من الخارج من أجل إراحة العدو الاسرائيلي، على الأقل لبضعة عقود مستقبلية، فإن هناك في المقابل رؤوس باردة جداً قد تعلمت دروساً قاسية جداً مما عبر فيه هذا الوطن، خلال العقود الخمسة الماضية على الأقل، والتي لم تترك إلاّ الخراب والدمار وعشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، ولا يوجد في اعتباراتها أو خططها للمستقبل القريب خوض أي مغامرة جديدة!
ولذلك توقف المتابعون باهتمام عند إصرار الرئيس جوزيف عون على معالجة القضايا الشائكة بالحوار. ليقابله رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأكيد الانفتاح لمناقشة مصير السلاح في إطار حوار توافقي. واستند كلاهما إلى مبدأ محوري في قيادة الجيش اللبناني عبّر عنه بوضوح العماد رودولف هيكل حيث رأى أن المؤسسة مقبلة على مرحلة دقيقة تتولى فيها مهمات حساسة، وستقوم بالخطوات اللازمة لنجاح مهمتها، آخذًة في الاعتبار “الحفاظ على السلم اﻷهلي واﻻستقرار الداخلي”، في حين نُقل عن رئيس الحكومة نواف سلام تمنيات بأن يمر أي قرار في جلسة الجمعة بالإجماع ومن دون تصويت!
هذه العوامل مجتمعة، كفيلة لتطويق أي تهور، من أي جهة أتى، داخلية أم خارجية، من منطلق أن المقومات في الداخل ليست على جهوزية لتقبل أي مغامرة. على عكس الأجواء التي كانت سائدة في العام 1975، والتي دفعت بالبلاد إلى أتون الحرب التي ما زال لبنان يعاني من آثارها السيئة بعد نصف قرن بالتمام…
عسى أن ينجح العقّال في إغلاق الأبواب التي غالباً ما تأتي منها الرياح العاصفة، حتى لا يتورط في أي أيلول أسود!