افضل التدابير بيع النبلاء الحمير.
بقلم الأديب الأستاذ جورج بدر غانم
“اني أخالفك الرأي في كل كلمة تقولها ولكني أدافع حتى الموت عن حقك في قولها”. هذا ما قاله الفيلسوف والاديب الفرنسي الساخر “فولتير”.
ماتت امه ساعة ميلاده وتنبأت له المرضعة بانه لن يعيش الا بضعة ايام، لكن العمر امتد به فعاش ٨٤ سنة.
ان غلط المرضعة في الحساب تكرر مع فولتير حين تنبأ ان الكتاب المقدس سيصبح في غضون قرن من الزمن من الكتب البالية المنسية، فاذا بالكتاب المقدس وبعد قرن من الزمن يطبع بعشرات الملايين ويصبح منزل فولتير في جنيف مقرًا لفرع جمعية الكتاب المقدس.
خلال مأدبة غداء تشاجر احد النبلاء مع فولتير فأوصى عصابةً من الاوغاد ان يعتدوا على الفيلسوف الساخر شرط ان لا يمسوا رأس فولتير لأن هذه الاخيرة ملك الامة الفرنسية والعالم كله. يا ليت هذه التوصية طبقها المجرمون في لبنان منذ خمسين عامًا!
خلافًا لتوقعات فولتير حملت الثورة الفرنسية الى السلطة مجرمين ساديين ارتكبوا في سنة واحدة جرائم ومذابح فاقت كثيرًا وكثيرًا بوحشيّتها البشرية ما ارتكبته ملوك فرنسا خلال مئات الاعوام؛ عندما انتقد فولتير الملك سُجن في الباستيل لعدة ايام وخرج حيًا خلافًا لآلاف السجناء زمن الثورة الدموية وقد قطعت رؤوسهم باسم الحرية والاخاء والمساواة.
بعد وفاة الملك لويس الرابع عشر خلفه لويس الخامس عشر، فاجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارًا ببيع نصف الخيول الملكية رغبة في إنعاش الاقتصاد، فما كان من فولتير معلقًا على هذا القرار الا ان صرح علنًا قائلًا: “لو كان الوزراء اكثر حكمة لباعوا الحمير من النبلاء فسدوا عجز الخزينة”.
هل صحيح ان التاريخ يعيد نفسه وان ما قاله فولتير يصح في كثير من الازمنة والامكنة؟
جورج بدر غانم