انطلاق عهدكم خجول نريد وقفات مسؤولة

انطلاق عهدكم خجول نريد وقفات مسؤولة

بقلم رئيس جمعية بناء الإنسان الأستاذ ربيع مينا

فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون المحترم،
دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام المحترم،
في مطلع هذا العهد الميمون، عهد فخامتكم، انعقدت آمال اللبنانيين العريضة على رؤيةٍ طالما انتظروها: رؤية دولةٍ تعيد بناء الإنسان و كرامته، وتعيد إلى لبنان بهاءه ومكانته. وجاء خطاب القسم يومها كفجرٍ يطلّ على أفقٍ جديد، فنبضت القلوب بفرحٍ ممزوج برجاءٍ عظيم، ورأى المواطن في وجوهكم ملامح العهد الذي يفتح أبواب التاريخ على صفحةٍ بيضاء من الإصلاح والكرامة.
ولأنّ الألم لم يعد مجرّد أرقام وإحصاءات، نكتب إليكم بلسان القلوب قبل الحروف: لم نعد نحتمل أن نرى وجوه رجالٍ شاحبة من قهر العوز، ولا عيون نساءٍ دامعة من وجع الإنتظار، ولا أنين أطفالٍ على أبواب المستشفيات يطلبون دواءً أو سريرا” لا يأتي قبل آلاف من الدولارات. هذه الصور تختصر وجع الوطن وتقرع جرس الإستعجال أمام ضمير كل مسؤول.
اليوم، وبعد هذا الرصيد من الثقة، يتوجه الشعب إليكم بلسانٍ واحد، حاملاً أوجاعه وآماله معاً. فقد أثقلت كاهله أزماتٌ حياتية فاقت كل التوقعات: من إنقطاع الكهرباء وغلاء المعيشة، إلى فواتير الإستشفاء الباهجة و الشبه المستحيل تأمينها، إلى صعوبة تأمين أبسط حقوق العيش الكريم.
وإذا كان المشهد الإقليمي يعجّ بتحولات خطيرة وتحديات دولية دقيقة، فإنّ وجع اللبنانيين في تفاصيل يومهم أشدّ إلحاحًا:
الصحة: المستشفيات والدواء الباهظ يثقلا المرضى وأهاليهم، حتى غدت أبسط مراجعة طبيب عبئا” لا يُحتمل.
التعليم: المدارس والجامعات الخاصة تحولت إلى مؤسسات تعليمية سياحية، بأقساط لا رقيب و لا حسيب تكاد تعلن إنضمامها للقطاع المصرفي، و الرسمي منه يترنح تحت وطأة أزمات متعددة، ما يهدد أجيالًا بأكملها بفقدان حقها في العلم، وهو أساس النهوض.
فرص العمل: شبابٌ يهاجر أو يقف في طوابير البطالة، فيما هجرة الكفاءات تستنزف عصب الوطن وتفرّغ المؤسسات من أمل المستقبل.
وقضايا كثر أخرى، و ليست أقل أهمية كالكهرباء مثلا” فإلى متى ستبقى رقاب الناس مرهونة بين يدي دويلة المولدات، وأيضا” إلى متى ستبقى حياة اللبنانيين رهينة المستشفيات الخاصة و التكاليف المدولره دون حسيب أو رقيب، أموال المودعين، إستعادة الأموال المنهوبة و محاسبة الفاسدين، الحد الأدنى للأجور، ضمان الشيخوخة.
و قبل كل ذلك و بعده مراعاة كل الواقع المؤلم الراهن في موازنة 2026، و قطع حساب لسنوات خلت.
في الحقيقة لم يعد الإنتظار ترفا”، ولا الوعود كافية. إنّ الشعب ينتظر خطوات عملية جادّة، ومشاريع بعيدة عن الحسابات الضيقة، مشاريع تعيد الثقة بالدولة وتُشعر المواطن أنّ قيادته تقف في خندق معاناته، لا على مسافةٍ منها.
فخامة الرئيس، دولة الرئيس،
إنّ اللبنانيين الذين عقدوا الأمل على عهدكم، يترقبون أن يتحوّل هذا العهد إلى ورشة عمل حقيقية، لا إلى شعارات. هم لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون بحقهم البديهي في حياةٍ آمنة وكريمة، وبحكومةٍ تضع مصلحة الوطن والإنسان فوق كل إعتبار.
إنها صرخة وطنٍ أرهقته الأزمات، ورسالة محبة وثقة ما زالت قائمة، بأنكم قادرون على ترجمة الوعود إلى فعل، ليبقى لبنان وطنا” حيا” لأبنائه، لا ذكرى من الماضي.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام،
بناء الإنسان 
صوت الناس

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *