لماذا لا تعود المقاومة “وطنية”؟

لماذا لا تعود المقاومة “وطنية”؟

مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٩/٢٨

وضع المتابعون لتطور الأحداث في لبنان يدهم على قلوبهم في الأيام الماضية، خوفاً من تدحرج التطورات إلى الأسوأ، لو لم يعالج الجيش اللبناني الأمور بروية ومتابعة دقيقة، وينجح في درء الفتنة، ومنع انزلاق الوضع إلى مهاوي التصادم الذي يسعى ويجهد العدو الاسرائيلي كي يصل إليه البلد، ليس الآن فقط وإنما منذ سنوات وسنوات!

ففي حين كان رئيس الحكومة نواف سلام يشرب “حليب السباع”، الذي سبقه إليه يوماً سلفه الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة قبل عقدين من الزمن عندما قرر التضييق على اتصالات “حزب الله”، فقرّر أن يطلب من الادارات المختصة إصدار قرار بمنع استخدام الأماكن العامة، والمقصود هنا بالطبع صخرة الروشة في العاصمة بيروت التي انتفض بعض رموزها دعماً للقرار.

كان المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامنئي يشيد بمقاومة “حزب الله” ودورها المحوري في “فريق الممانعة”. بالتوازي مع كلام لافت لرئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يشدّد فيه على مكانة “حزب الله” في معادلة الصراع مع “إسرائيل”، ويؤكد أن الحزب “أكثر حيوية من أي وقت مضى”، وأن “تزويده بالصواريخ ليس أمراً مستحيلاً”!

إزاء هذا الواقع المؤلم الذي لا سقف له، والذي يدفع اللبنانيين أن يعيشوا على أعصابهم على مدار الساعة، يتذكر العديد ممن عايشوا حقبة ستينيات وسبعينيات وحتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كيف كانت المقاومة تصنّف في خانة الوطنية، ويتسابق المؤمنون بها من جميع الطوائف والمذاهب على أرض الوطن، للانخراط بصفوفها وبذل الغالي والرخيص في سبيلها وصولاً إلى لحظات الاستشهاد!

فلماذا المطلوب أن تظل المقاومة مرتبطة بطائفة أو مذهب محدّد، الأمر الذي يعرّض البلاد في كل لحظة إلى منزلق يتمناه العدو بكل جوارحه، بدل أن تستعيد “المقاومة” وطنيتها الصافية، فينخرط فيها أي شخص يؤمن بأهميتها ودورها، كي لا تبقى مطية لاستغلالها من قبل النفوس المريضة التي تستغل أي واقع طائفي أو مذهبي لاطلاق شرارة صراع جديد في لبنان، وطالما أن العدو لن يوقف تنفيذ مخططاته قبل تحقيق أحلامه بـ “إسرائيل الكبرى”؟

قد لا يتلائم هذا الكلام مع بعض التوجهات الخبيثة في لبنان، ولكنه بالتأكيد أنه سيكون الجسر الملائم لصهر اللبنانيين، أو من يرغب منهم، في بوتقة الدفاع عن وطن آمن به الكثير من بنيه، ولكن حقدهم الطائفي والمذهبي على بعضهم يفرش لهم “الطرق الوردية” لتدميره كما يشتهي أعداؤه!

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *