في انتحال الصفة !

في انتحال الصفة !

الدكتور جهاد نعمان

الفقيه هو المتخصص بعلم الشريعة الإسلامية او الفقه. اضطلع الفقهاء بدور بارز في الحياة الاجتماعية والسياسية في الإسلام. وبعد أن ساهموا في إعداد الشريعة في المراحل الأولى، تحوّلوا مفسّرين لها، وأخذوا في الاعتبار الخلافات القائمة بين المدارس الفقهية، التي أدّت أحيانا إلى تطبيقات جد صعبة.
ينتمي الفقيه إلى فئة علماء الدين. العلماء متخصصون بعلم الشريعة والتفسير وعلم الحديث وكان دورهم الأساسي المحافظة على الشريعة وتأمين تدريس الفقه، بطريقة مستقلة، ثم بين جدران المدارس. وتجلّى بعض الفقهاء مستشارين للحكام.
على الصعيد العملي، يعنى الفقيه بإرشاد القضاء. بيد ان رأيه لم يكن ملزما في القرون الوسطى. في العصر العثماني، ظهر المفتون كموظفين في الدولة وتابعين لمفتي إسطنبول الذي كان مستشارا للسلطان في الأمور الشرعية.
فعلام ينبري اليوم، في صفوف طوائف غير محمدية، ولاعتبارات وجاهية جوفاء رعناء، أحد الشويعرين المتطاوسين، مطلقا على نفسه لقب «الفقيه» فيما الفقيه الحقيقي يشمل عمله حصرا مجالين يدرسان منفصلين، في المؤلفات الفقهية، أحدهما يعرّف بالعبادات التي تعني الأوامر الدينية، والآخر يُسمّى المعاملات وهو يشمل الأصول في العلاقات الاجتماعية؟ هل بات بعض من ليسوا بالمسلمين اليوم وبسحر ساحر قيّمين على تحديد حقوق المسلم وواجباته وتنظيم وجوه حياته اليومية وعلاقاته الاجتماعية ولربما السياسية؟
لبعضنا مشكلة أساسية مع الله والضمير. ذلك ان الله محسوب لديهم من باب تحصيل الحاصل بل يعتقدون ان لهم «مونة» عليه وان كل شيء يذوب في رحمته وأنه لا يعلّق كثيرا على ما يقترفونه من خطايا «ضرورية» لتسيير حياتهم اليومية، لاحتسابهم ان الحياة لا يمكن تدبيرها بتقوى حادّة. فالإلهيات ليست من هذا العالم الذي لا بد له من «شيطنة» أي حذق أو حكمة أم تنظيم. فهل فات هؤلاء الذين يظنون انه يحق لهم لربما ما لا يحق لغيرهم، وهم يتقنون اللهجات العامية، انهم نحتوا الشيطنة من الشيطان. ان بعضا من كذبنا لدى بعض من كذبتنا، لا يبدو مزعجا لأصحابه لا سيما أنهم يركنون فيه إلى تقنيات العصر المغرية، فالله يريد هناءهم ورغبته في انبساطهم. وللانبساط في العربية مدلولان: السرور والامتداد. والانبساط ضد الانقباض، وهو يمدّ بملامحك وبمعالم وجهك ويجعلك في سعة من جاهك ومن مالك. ان هذه الانفلاشية المتمادية قد تشرح صدرك فيعظم من تنفسّك ويحتلّ في المدى مكانا يجعلك تطير من شدّة إعجابك بذاتك فتحسب نفسك فقيها بل طائرا لا سرب له إلّا في مخيلته هو!… لقد بات يعرف كل شيء، ولكن هذا هو الشيء الوحيد الذي يعرفه!!…

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *