ربيع مينا “حين إنتصر التافهون”

ربيع مينا “حين إنتصر التافهون”

لقد حُسمت المعركة، نعم حُسمت، ولكن لصالح التافهين. لم يكن ذلك لفرط دهائهم، ولا لقوة حجّتهم، بل لأن أهل القيم انسحبوا بصمت، وأصحاب المبادئ تعبوا من الصراخ في الفراغ.
إنه زمن الصعاليك…
زمن أولئك الذين تسلقوا إلى القمم على حبال النفاق والصفقات القذرة، لا على عَرق الجبين أو رجاحة العقل. سقط الميزان، فصار الضجيج هو الصوت الوحيد، والسطحي هو المرجع، والمزيف هو الأصل.
في زمن كهذا، لا مكان للحكماء، لأن السوق يحكمه الجهلاء.
ولا حاجة للنزهاء، لأن الكرسي صار لا يحتمل الأيادي النظيفة.
ولا عزاء للثقافة، فالجمهور بات يهتف لمن “يُضحكهم” لا لمن يوقظهم.
الفساد لم يعد خطأ” عرضيا”، بل صار منظّما”، مبرمجا”، مدعوما”.
وكل من يحاول الإعتراض يُتهم بالغرابة، يُهاجم بتهم الجحود والرجعية، أو يُقصى بصمت، لأن صوته يزعج سادة الساحة.
لقد تغيّر الزمن…
صار الحق عبئا”، وصار الكذب سلعة، وصار التافهون هم صُنّاع القرار ومهندسو الرأي العام.
من لا يطأطئ الرأس، يُكسر.
ومن لا يساير الرداءة، يُعزل.
ولكن، ورغم كل شيء، يبقى سؤال يُلحّ علينا:
هل نسلّم لهم الأرض والعقول والوجدان؟
أم نقف من جديد، نرفع الصوت ونحمل شعلة النور، ولو في وجه الظلام الطاغي؟
مهما طال ليل الصعاليك… لا بد لفجر القيم أن يعود.
بناء الإنسان
صوت الناس

بقلم المناضل ربيع مينا

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *