المغتربون ليسوا مجرد “صناديق نقد”…وكفى استغلالاً وتهميشاً لصوت التغيير!
بقلم ابن طرابلس طلال بلطه جي
هل يُعقل أن يكون شريان الحياة الاقتصادي للوطن هو أضعف حلقة في صناعة قراره السياسي؟
هذا هو السؤال المرير الذي يواجه المغترب اللبناني الذي يجد نفسه اليوم في خضم معركة ليست فقط من أجل حقوقه المصرفية المنهوبة، بل من أجل حقه الدستوري في رسم مستقبل بلده.
لطالما تغنّت السلطة اللبنانية بالاغتراب ووصفته بـ”الرئة التي يتنفس بها لبنان” لكنها في الوقت نفسه عملت بجهد على استغلال أمواله وتهميش صوته السياسي محوّلة إياه إلى مجرد مصدر للتحويلات المالية لا أكثر.
إن الخلاف الدائر اليوم حول آلية تصويت المغتربين في الانتخابات البرلمانية هو الاختبار الحقيقي لمدى استعداد هذه الطبقة السياسية للتخلي عن نفوذها.
المغتربون اللبنانيون ليسوا فئة هامشية فهم من ساندوا الاقتصاد المنهار عبر تحويلاتهم المالية الضخمة التي كانت وما زالت تمثل مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية إنهم العمود الفقري الذي يمنع الانهيار الكامل للمجتمع اللبناني، لكن عندما وقعت الكارثة المالية كانوا هم الضحية الأولى للاستغلال الاقتصادي الذي بلغ ذروته في نهب ودائعهم واحتجاز أموالهم في البنوك.
فقد تم التعامل مع المغترب كـ”بقرة حلوب” تُسحب أموالهم دون أن يُمنح أي حق في المساءلة أو المحاسبة ..
هذا الواقع يفرض مبدأ أخلاقياً ودستورياً لا يقبل النقاش فمن يدفع الثمن يجب أن يشارك في القرار بشكل كامل…
إن محاولة تحجيم الدور السياسي للمغتربين عبر القانون القائم ليست إلا استمراراً لنهج التهميش فالقانون اللبناني رقم 44/2017 الذي ينص على تخصيص ستة مقاعد فقط للمغتربين يمثّل تهميشاً عددياً صارخاً فكيف يمكن لكتلة ناخبة ضخمة يفوق عدد من يحق لهم الاقتراع فيها أعداداً كبيرة من المقيمين أن تُختزل في ستة مقاعد رمزية؟!!
هذا يعني أن صوت المغترب يصبح أقل قيمة وتأثيراً من صوت المقيم, والأسوأ أن هذا التحديد يستخدم لعزل صوت المحاسبة فالمغتربون أثبتوا في انتخابات 2022 أنهم يمثلون الصوت الحر للتغيير الأقل ارتباطاً بالزبائنية والطائفية، لذلك فإن الإبقاء على هذا النظام هو محاولة مكشوفة لإسكات قوة التغيير ومنعها من قلب الموازين.
ان إلغاء المقاعد الستة الرمزية نهائياً، والسماح لكل مغترب بالتصويت لـ128 نائباً في دائرة قيده الأصلية داخل لبنان، تماماً كأي مواطن مقيم هذا المطلب المحق والواضح لا يمكن ان يتجزأ او حتى يناقش فيه انه حق لكل مغترب ،فالمساواة في التصويت ليست امتيازاً بل حقّاً دستورياً أساسياً يجب حمايته.
إن التغيير الحقيقي في لبنان قد يبدأ من المغتربين الذين لا يزالون يؤمنون بإمكانية بناء دولة عادلة انهم الفئة الأقوى دافعاً لاختيار مرشحين إصلاحيين ومحاسبة الطبقة السياسية التي استغلتهم ودمّرت بلدهم وأي طرف سياسي يحاول اليوم عرقلة هذا التعديل إنما يسعى إلى بقاء المنظومة الفاسدة.
ان الاستغلال المالي لا يجب أن يتبعه استغلال سياسي واستعادة حقوق المغتربين ليست منحة من أحد بل حق طبيعي وضرورة وطنية لإعادة بناء لبنان.
فكفى استغلالاً للمغتربين وكفى تهميشاً لقوتهم وحقوقهم فصوتهم هو سيف المحاسبة وشرارة التغيير.
lebpress_new
ابن طرابلس أبوربيعب لطه جي الانتخابات_النيابية