جميل عبود… النائب الذي لم يخجل

جميل عبود… النائب الذي لم يخجل

ليس جميل عبود زعيما طرابلسيا أبا عن جد، ولا هو سليل عائلة ارثوذكسية لها باع طويل في السياسة، ولا رجل أعمال اشترى نيابته بدولارات وزعها هنا وهناك، ولم يكن من وجهاء المدينة التي يكثر فيها “أصحاب الصف الأول”، ولا ناشطا من نشطائها الذين تضج بهم وسائل التواصل الاجتماعي، نذر يسير من الطرابلسيين كانوا يعرفونه، من باب الجيرة والتواصل المهني ليس الا.
قانون الانتخابات النسبي وحواصله وكسوره جعلت منه نائبا ب79صوتا فقط لا غير.
وهنا المفارقة.


لم يخجل عبود من الرقم المتدني الذي حصل عليه، ولم يتصرف في نيابته على أساسه فينزوي ويقفل باب بيته، ويدير ظهره للمدينة وناسها ومشاكلها ونشاطاتها العامة، على اعتبار انه النائب الأقل تأثيرا في حياتها العامة والسياسية على وجه الخصوص، او هكذا يجب ان يكون.
عبود قرر التحدي، ونزل الى الساحة بكل ما يمتلك من اصرار، وان كانت الحيثية الشعبية لا تساعد على ذلك، وكان نزوله محط استغراب لدى الكثيرين، لأن احدا لم يتوقع ان يكون عبود حاضرا في الوقت الذي تغيب فيه زعامات المدينة التقليدية، ونوابها المتمرسين المنحدرين من عائلات سياسية مثّلت المدينة لعقود من الزمن.


افتتح مكتبا له في المدينة، وفتح مكتبه لمراجعات المواطنين، ووظّف العديد من شباب وشابات المدينة في مكتبه او في لجان استحدثها ليتابع عبرها شؤون المدينة، وراح يدرس الملفات مستعينا بأهل الخبرة والمعرفة، ولا عيب في ذلك على الاطلاق، فكل منّا يحتاج الى معرفة الآخر وخبرته في ميدانه، ودخل الشأن العام من بوابته الواسعة، وأصبح يلبي كل المناسبات ذات الطابع العام لأنه يدرك أنه معني بها كونه ممثل عن المدينة، واللافت انه لا يعتذر عن حضور اية مناسبة مهما كان حجمها وفعاليتها، أضف الى ذلك انه يتابع ملفات عديدة في العاصمة بيروت، ويتحرك في أكثر من اتجاه لتحصيل حقوق الفيحاء ما استطاع اليها سبيلا..


وهو بذلك يقدم نموذجا مقبولا جدا عن عمل النائب، فلا يتلهى بصفقات من هنا وأخرى من هناك، ولا تغريه عمولات على مشروع سياحي او تنموي في العلن خاص في السر، ولا يمارس السياسة من باب النكايات والعشوائيات، فلا يستنزف طاقاته في لا ينفع المدينة واهلها.
وهو لذلك نال اعجاب المواطن الطرابلسي الذي وجد فيه بعضا مما يبحث عنه في نواب اختارهم فلم يجدهم، او صاروا نوابا بغير ارادته فأغلقوا ابوابهم بحجة ان الوضع أكبر منّا ولا نستيطع معه شيئا.
ونحن في “لبنان عربي”، على عهدنا، بأن من يقصّر نذكّره بدوره، ومن ينجز فله وللمدينة وأهلها.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *