رفيق الحريري: ما حدا أكبر من بلده

رفيق الحريري: ما حدا أكبر من بلده

لينا دوغان | موقع لبنان الكبير

صحيح أننا دخلنا على أسبوع جديد في لبنان حمل معه أولى حكومات العهد والتي وُلدت بعد مخاض عسير، هذا المخاض الذي ذكرنا الى حد ما بما كان يحصل مع رفيق الحريري لدى تشكيل حكوماته، وإن كانت الصعوبات والعراقيل والمطالب أكبر وأكثر، وإن كان أحد لا يشبه رفيق الحريري بكل ما مرّ به من مطبات حتى تاريخ استشهاده، ولا يقولن أحد إنه وضع بصماته عبر التوزير في هذه الحكومة إلا أن يعترف بأنها بصمات رفيق الحريري، وكل ما عدا ذلك يندرج في إطار التقليد لا الأصلي، لأن من صنع رجالات على قدر المسؤولية شخص أصيل إسمه رفيق الحريري ليس له بديل ولو حاولوا التشبه.

الشيء بالشيء يُذكر لسبب بسيط، وهو أن في هذا الأسبوع تأتي الذكرى العشرون لاستشهاد رفيق الحريري، ولأنه المعلم الأول بتاريخ إنماء البلد وإعماره وإصلاحه وإنقاذه، نتوقف عند ذكرى استشهاده هذه المرة بكثير من الخواطر لنستحضر معاً مراحل كان بإمكاننا اختصارها أو ربما تفاديها لو، وأشدد على كلمة”لو” تكافلنا وتضامنا وحافظنا على رفيق الحريري، لكننا مع الأسف لا نعرف معنى صون الأشخاص ولا نعرف كيفية أن نقيهم من كرهنا وضغينتنا وغيرتنا وحسدنا، فكيف نرعاهم ونحيطهم من الآخرين وما أكثرهم، وجل ما نفعله عند الخسران هو فعل الندامة والحزن والأسف، لنقول يا ليتنا ما فقدنا رفيق الحريري ويا ليتنا فهمنا مشروع رفيق الحريري، لأن الخسارة كانت كبيرة، ولو لم تكن كذلك لما كانت ذكرى استشهاده تقام حتى الآن، ولما كان استشهاده بحد ذاته هز بلداً لم يعرف للراحة معنى منذ تاريخ ١٤ شباط ٢٠٠٥ حتى يومنا هذا؟

هي أيام تفصلنا عن الذكرى العشرين، وعلى الرغم من إحيائها لسنوات خلت، إلا أننا هذه المرة نجددها وقد أخذ رفيق الحريري حقه، الذي سعى الساعون بكل ما أوتوا من قوة وسلطة ونفوذ وجبروت، الى إخفاء الحقيقة منذ لعبوا بمسرح جريمتهم وصولاً الى محاولات تضليل المحكمة الدولية والبقاء في مناصبهم وكراسيهم آمنين واثقين بأن أحداً لن يطالهم، لكن ما لم يعرفوه أن يد الله فوق كل شيء ولو أنهم آمنوا بذلك لعرفوا أنها نهايتهم المستحقة.

نستحضر معك يا دولة الرئيس الشهيد أياماً كانت تحمل رنات ضحتك ودقات قلبك الأبيض الصادق ويكفي أنها كانت تحمل آمالاً بمستقبل أفضل لعاصمة أعدت إعمارها ولبلد شملته خطط إعمارك، حتى وإن منعوا قدميك من أن تطأ أراضيه بقاعاً وشمالاً، نستحضر مرحلة من الأمان أخدها منا من يرفض الأمن في بلادنا، نستحضر مرحلة من الرقي سلبها منا من يتصدى للازدهار، نستحضر مرحلة من النمو والنهضة خطفها منا من يكره الحضارة والتقدم، نستحضر مرحلة أرادوك فيها رئيساً لوزراء لبنان وفي الوقت نفسه وزيراً لخارجيتهم، حين لم يعرفوا كيف يكونون رؤساء لجمهوريتهم، حين كان جمهورهم يكرههم ويلوح لك بالخفاء وخوفاً منهم، عند زيارتك لبلدهم لأنهم رأوا فيك المنقذ لهم من براثن نظامهم الذي خافك وحضر لقتلك، نستحضر مرحلة كانت كبيرة بك وبمشاريعك ليسرق منا يومنا وغدنا وحاضرنا ومستقبلنا الذي كان ليكون أفضل لو أمسكنا بيدك واستندنا اليك وخطونا خطوات الثقة والصدق والتقدير التي وعدتنا بها.

ومع ذلك ورغماً عنهم، كنت البطل وأنت بيننا، ولا زلت الشهيد البطل بمماتك، الذي لم يستطيعوا أن يكسروا هيبته لا حضوراً ولا غياباً، وما تمكنوا يوماً من إلغائك ولا من إلغاء مشروعك الذي يثبت يوماً بعد يوم، أنه الأصح والأمثل والأفضل لبلد يعيش فيه أبناؤه بكل طوائفهم متساوين متصالحين متفقين تحت سقف القانون والدولة منتمين الى بلدهم ولا يحملون غير شعار لبنان أولاً.

لكل هذه الأسباب ولكل من يعلم ومن لا يعلم، كان قدرك الشهادة، وكان قدرهم ما أرادوه.

🧾 LaBamba News

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *