إلى أين ستصل رياح صحنايا الساخنة؟

إلى أين ستصل رياح صحنايا الساخنة؟

مرسال الترس

يُجمع المراقبون على أن المشهد في سوريا يتقلب على صفيح ساخن، على الرغم من مساعي الحكم الانتقالي إلى تركيز أسسه، وسط تجاذبات إقليمية ودولية بالغة التعقيد ومؤذية إلى درجة التشرذم.

فالغرب، وفي مقدمه الولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوروبية الفاعلة، ما زالت تَعِد وتضع الشروط، ولا تفي بفتح الأبواب التي كانت ترسمها كوعود زهرية إذا ما تم إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد.

فها هو الحلم الغربي تحقق بإجراءات تنفيذية من قبل تركيا، وتحت أنظار روسيا، فيما الشعب السوري يتطلع إلى ما يحقق أحلامه وهو يردّد الأغنية الشعبية: “يا مال الشام يلاّ يا مالي.. طال المطال…”.

فبعد وقت قصير من إنهيار نظام الأسد ووصول الرئيس المؤقت أحمد الشرع إلى القصر الرئاسي، إنقض العدو الإسرائيلي على جبل الشيخ، ومدّد أذرعه إلى أكثر من منطقة جنوبية في سوريا، ولاسيما المناطق التي تضم أكثرية من الطائفة الدرزية، ساعياً إلى تحقيق الأحلام اليهودية التي تحدثت عن “إسرائيل الكبرى” التي تبتلع أكثر من مساحة في غير بلد عربي.

فمنذ شَرَع تيودور هرتزل في وضع رؤية “الدولة المغتصبة”، وصولاً إلى بنيامين نتنياهو، الذي أعلن من منصة الأمم المتحدة جهاراً ونهاراً النية والعزم في تغيير خرائط الشرق الأوسط التي رسمها سايكس وبيكو، مروراً بحاييم وايزمان ودايفيد بن غوريون وهنري كيسنجر وآخرين… كان واضحاً التوجه نحو الوصول إلى دويلات طائفية في هذه المنطقة من العالم، تتصارع في ما بينها، بينما دولة “إسرائيل” هي الأقوى والقادرة ـ حتى نووياً ـ على التدخل هنا وهناك، ولصالح هذا أو ذاك.

وها هو ذاك “الحلم” قد بدأت خرائطه تلوح فوق سوريا، التي كان يُطلق عليها تعبير “قلب العروبة النابض”.
ها هي مجموعات من الدروز في سوريا، بدأت تدغدغهم خريطة “الكانتون” الذي يمتد إلى شواطئ المتوسط عبر الشوف اللبناني رافعين علمه المخمس الألوان. ما دفع وليد جنبلاط إلى التحذير من حرب لا هوادة فيها مع الطائفة السنيّة، محملاً جزءاً كبيراً من المسؤولية للشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في كيان الاحتلال الإسرائيلي وصديق رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو.

وها هم العديد من قيادات الأكراد في سوريا (الأشقاء للأكراد في العراق وتركيا وإيران) لا يخفون ولعهم بـ”دولة مستقلة” ويقاتلون منذ عقود من أجل تحقيقها، وبالتأكيد هناك قوى غربية وإقليمية تدعمهم علناً وسراً.

أما عن العلويين في الساحل السوري، وآخرهم القريب من النظام السابق رامي مخلوف، فعادوا يتحدثون بلغة التحضير لمقاومة مسلحة تحملهم إلى “الإقليم العلوي” الذي أعلنه الفرنسيون عام 1920، والذي قد تكون له امتدادات شمالاً.

فهل سيستطيع “العقّال” أن يوقفوا الرياح الساخنة عند حدود أشرفية صحنايا وجرمانا وبعض قرى السويداء.. أم “سيفلت الملّق” الطائفي والمذهبي ليطال معظم دول المنطقة

موقع الجريدة

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *