موقف حزب الله من الورقة الأميركية… تهديد وجودي ورفض قاطع!
في وقتٍ يُنتظر أن يزور الموفد الأميركي توم براك لبنان الأسبوع المقبل، حاملاً معه رغبة بلاده في سماع الرد اللبناني الرسمي على مضمون الورقة الأميركية التي طُرحت في الآونة الأخيرة، تتجه الأنظار إلى موقف حزب الله من هذه الورقة، التي يرى فيها الحزب أكثر من مجرّد اقتراح سياسي، بل تهديداً مباشراً لموقعه ودوره في لبنان والمنطقة.
في هذا السياق، أكّد الكاتب والمحلّل السياسي علي حمادة، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أنّ “المعطيات المتوافرة تشير إلى أن حزب الله ينظر إلى الورقة الأميركية المطروحة على لبنان باعتبارها مؤامرة، بل وثيقة استسلام يُطلب منه التوقيع عليها في هذه المرحلة. ومن هذا المنطلق، يرى الحزب أنّ لا إمكانية لقبولها بأي شكل، ويعتبر أن سلاحه غير قابل للنقاش أو التفاوض، بعدما أعاد ترميم قوّته، ويضع هذه القوة في خانة حماية لبنان”.
وأشار حمادة إلى أنّ الحزب يعتبر الورقة الأميركية بمثابة “فرض وصاية” على لبنان، تسعى من خلالها الولايات المتحدة إلى إقامة وصاية مشتركة مع إسرائيل، وهو ما يرفضه الحزب بشكل قاطع.
وأضاف: “في حال وافق لبنان على مضمون هذه الورقة، فإن حزب الله يعتبر أنها تمثل تهديدًا وجوديًا له، سواء من جهة إسرائيل أو من جهة سوريا. إذ يرى أن هناك تقاطعًا إسرائيليًا – سوريًا هدفه محاصرته خارجيًا، بالتوازي مع ضغوط داخلية تمارسها القوى السياسية المناهضة له أو من خلال ما يُسمّى بالشرعية اللبنانية”.
وشدّد حمادة على أن “الحزب يضع خطين أحمرين لا يقبل التفاوض حولهما: أولًا، سلاح المقاومة الذي يُعدّ أمرًا محسومًا، وثانيًا، منطقة شمال الليطاني التي يعتبرها غير قابلة للنقاش. في المقابل، قد يقبل بالنقاش حول منطقة جنوب الليطاني، على قاعدة القرار 1701. فبينما تلتزم الدولة اللبنانية بهذا القرار، إلا أنها تضيف إليه بندًا مستندًا إلى اتفاق الطائف، ينص على حصر السلاح بيد الدولة وبسط سيادتها بقواها الذاتية، وهو ما أعاد تأكيده رئيس الحكومة نواف سلام”.
وتابع: “ثمة نقطة تعتبر بالغة الحساسية لدى حزب الله، وهي ما يتعلق بالمؤسسات المالية التي يملكها ويديرها. فالحزب مقتنع بأن هذه المؤسسات تُستهدف من الأميركيين والإسرائيليين وبعض القوى الإقليمية، وهو ما يراه تهديدًا مباشرًا له. وفي المقابل، فإن الغالبية الساحقة من اللبنانيين ترفض وجود مؤسسات مالية خارج الشرعية، يُشتبه في استخدامها لتبييض الأموال وتمويل منظومة أمنية وعسكرية خارج إطار الدولة، ما يتعارض مع مشروع بناء الدولة”.
واستكمل: “يؤكد الحزب أيضًا أنّ مؤسسة (القرض الحسن) تمثّل خطًا أحمر لا يمكن المسّ به، وكذلك الأمر بالنسبة لما يسمّى بـ(جيش الصرّافين) والمكاتب الصرافية المرتبطة به، والتي يرى أنها تشكّل أحد الأعمدة الأساسية للمعادلة المالية التي يتحكّم بها. وبالتالي، فإن أي محاولة لتفكيك هذه المنظومة ستُواجَه برفض حاسم”.
وكشف أن “هناك متابعة حثيثة من جهات معنية لعدد من الشركات المالية وشركات التحويل التي تتعاون مع حزب الله، كما أن بعض أركان النظام السوري السابق دخلوا على خط هذه الشركات التي تعمل داخل لبنان، بالتعاون مع مصرفيين معروفين”، من دون أن يُفصح عن الأسماء، لافتًا إلى أن “هذه المعطيات ستظهر تباعًا من خلال التحقيقات الجارية”.
وختم حمادة بالقول: “يرى حزب الله أن من الممكن إعادة ترتيب الأولويات، بدءًا بانسحاب إسرائيلي وضمان التزام تل أبيب بتطبيق وقف إطلاق النار ووقف الخروقات. بعدها، يتم إطلاق سراح الأسرى، ثم الشروع في إعادة الإعمار، يتبعها رفع الحصار المالي المباشر وغير المباشر، أي وقف استهداف المؤسسات المالية التابعة له. وعندها فقط، يمكن فتح ملف السلاح ضمن حوار لبناني داخلي، ينطلق من المصلحة الوطنية، لا من الإملاءات الإسرائيلية”. وتساءل : “هل الموفد الأميركي توم براك مستعدّ للاستماع إلى هذه المقاربة؟ وهل يقبل بها الإسرائيليون؟ وماذا عن الحكومة اللبنانية التي ترفع شعار مشروع الدولة؟”.
🧾LaBamba News