نزع السلاح ومستقبل المقاتلين

نزع السلاح ومستقبل المقاتلين

بقلم: العميد الركن المتقاعد فواز عرب

وافق حزب الله على إعلان وقف الأعمال العدائية الذي تضمن في بعض بنوده “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان” و”تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة جميع انواع الأسلحة غير المصرح بها بدءاً من منطقة جنوب الليطاني”.

كما أن الحزب صوت في الإنتخابات الرئاسية لصالح العماد جوزاف عون الذي تضمن خطاب القسم حصرية السلاح بيد الدولة،ثم شارك الحزب في حكومة الرئيس نواف سلام الذي تضمن بيانها الوزاري أن القوى العسكرية والامنية الشرعية وحدها دون أي سلاح آخر المخولة بحماية وصون سيادة لبنان.

تطالعنا بعض التصريحات التصعيدية من قبل بعض قيادات حزب الله ترفض تسليم السلاح لأسباب عديدة إضافة إلى تصريحات مشابهة مؤخراً “كل شيء يمكن أن يناقش الا السلاح”، “سننزع ارواحكم”.

على الحزب أن يعترف أن السلاح لم يعد هناك مبرر للإحتفاظ به مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، وبات عليه أن يتقبل انه فقد التحكم بقواعد الاشتباك وفي الحفاظ على توازن الردع وأن عليه التحصن وراء الدولة ووراء فخامة الرئيس العماد جوزاف عون لإسترجاع لبنان سيادته كاملة وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي.خلال إستقباله لوفد سياحي مؤخراً،صرح فخامة الرئيس”لقد أقسمت اليمين بعد إنتخابي رئيساً للجمهورية على الحفاظ على إستقلال الوطن وسلامة اراضيه، ويُخطئ من يظن أن من أقسم مرتين على الدفاع عن لبنان الواحد الموحد، يمكن أن ينكث بقسمه لأي سبب كان، أو أن يقبل بأي طروحات بديلة”.ففخامة الرئيس يقود البلاد بحكمة وإتزان لكن بثبات دون أن يسمح لاحد أن يُزايد عليه في السيادة والإصلاح.

خلال إستقباله لوفد مجلس العلاقات العربية والدولية الأسبوع الماضي، شدد فخامة الرئيس العماد جوزاف عون ” أن قرار حصرية السلاح قد أُخذ ولا رجوع عنه وقرار الحرب والسلم هو من صلاحية مجلس الوزراء”.

إن طرح موضوع نزع سلاح الحزب لا بد أن يفتح معه بالتوازي ملف مصير عشرات الآلاف من مقاتلي الحزب الذين يصبحون عبئاً على الحزب لاسيما بعد تجفيف معظم موارده المالية.

إن الخيار الاسلم لهذا الموضوع هو إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع خارج إطار الاجهزة الأمنية بطريقة تضمن كرامتهم، فهناك حلول عديدة:

– عودة العناصر التي لديها أعمال خاصة إلى عملها.
– تأهيل من يرغب للعمل في مؤسسات الحزب الإجتماعية، الثقافية، التربوية والصحية.
– -فتح دورات للتعلم على بعض المهن الحرة لاسيما التي يتطلبها سوق العمل.
– – توظيف العناصر التي تتوافق مع الشروط المطلوبة في إدارات الدولة وفقا للحاجة والمستوى العلمي والتقني التي تتطلبه الوظيفة مع مراعاة التوازن الطائفي.
– – التوظيف في شرطة البلدية في المنطقة التي يقطن فيها وفقا للحاجة.
– – اما بالنسبة لإدخالهم في الأجهزة الأمنية فهذا موضوع دقيق وحساس. إن مقارنة إدخال عناصر الحزب بإدخال عناصر محدودة من ميليشيات سابقة إلى الجيش بعد الحرب فهذه مقاربة غير دقيقة وغير منطقية. فالعناصر الذين أُدخلوا في حينه كانوا ينتسبون الى احزاب لبنانية الانتماء وكانوا يملكون عقيدة وطنية وقد اتسموا بالولاء للجيش والتقيد بالانضباط والتراتبية العسكرية. أما عناصر الحزب فقد تربوا على عقيدة ولاية الفقيه والإنتماء لبلد خارجي ما يعوق او حتى يستحيل دمجهم في الأجهزة الأمنية مع الإشارة إلى أن معظم عناصر الحزب تجاوزوا شروط السن للتطوع في الجيش.

إن التحولات الجيوسياسية والجيوإقتصادية السريعة التي حصلت في المنطقة تتطلب من جميع اللبنانيين من كافة الاطياف التحصن وراء الدولة وحصر السلاح بالأجهزة الأمنية الشرعية فقط. فالدولة اللبنانية بمؤسساتها المختلفة هي وحدها القادرة على إنهاء الاحتلال الاسرائيلي والحفاظ على سيادة لبنان وأمنه واستقراره.

إن عدم انضمام لبنان إلى هذه التحولات السريعة في المنطقة سوف يؤدي إلى تراجع الإهتمام بلبنان عربياُ ودولياً، فبدلاً من الرهان على تثبيت الإستقرار الذي يستتبعه الإزدهار والإستثمار، سيتم التعاطي مع لبنان كمطلوب منه الإلتزام بعدم تهديد أمن إسرائيل وبمنع اي وجود إرهابي على أرضه، وليتدبر اللبنانيون شؤونهم سواء بالنسبة لنظامهم السياسي ولإصلاحاتهم المالية والإقتصادية دون أي مساعدات أو منح أو قروض.

مركز الفيحاء للدراسات الاستراتيجية

موقع الإنتشار اللبناني

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *