هل اكتفى بري بهزّ “عصا الثقة” لسلام!…
مرسال الترس
موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٧/٢٠
لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤيد تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة. كان يفضّل بقاء نجيب ميقاتي، لأنه متناغم معه في أكثر من موضوع حساس منذ عقدين من الزمن.
ميقاتي لم يكن يقطع “خيط قطن” سياسي من دون أخذ موافقة عين التينة المرتبطة “روحياً” بـ”حزب الله”، ربما لأن بري كان يمسكه من “اليد التي تؤلمه”، وسجّل عليه العديد من السقطات التي كل واحدة منها تهز جبلاً، ولعل أبسطها قضية قروض الإسكان وما تضمنت من علامات استفهام حول رجل يُعد من الأغنى في لبنان.. لا بل الأغنى!
وعندما حلّ “الروح القدس الأميركي” على النواب في ساعات ظهيرة ذلك اليوم، المشؤوم على ميقاتي، إبتلع “حاكم” عين التينة منذ ثلاثة عقود، الطعم. ولكنه كان ينتظر ذلك القاضي المعتد بنفسه على أكثر من كوع. في حين أن سلام، المتردد في حركاته الظاهرية، اعتقد أنه سينقل “سيف العدالة” من جنيف الى بيروت بسهولة.
وعندما لاحظ بري أن القادم لأول مرة الى السراي الحكومي يحاول تسجيل أكثر من هدف في مرمى عين التينة، ولا سيما في مسائل تمس بالدور الذي إطلع به بري منذ نحو خمسة عقود، بإثبات دوره في حصص طائفته في وظائف الدولة ومحاورها، رفع بطاقته الحمراء علناً، بعدما تلمس أنه ينحو لتنفيذ أجندة معينة في مسألة نقل سلاح المقاومة الى عهدة الدولة، فأبلغه عبر وسائل الإعلام: “اذا بدو يسخّن منسخن”، بعدما لاحظ أنه لم يستوعب البطاقات الصفراء التي رفعها في وجهه، وخاصة في موضوع التعيينات. ولذلك دعاه الى حلبة المصارعة الحرة حتى “تحت الحزام” أمام النواب، ضاحكاً في سرّه، كيف أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل طلب طرح الثقة بالحكومة، فمنحه ثقة مجددة واضعاً سيف تلك الثقة كسيف مُسلط فوق رأسه.
وإذا لم يستوعب سليل “أبو علي سلام” الرسالة في منازلة إثخانه بالجراح وتعريته أمام الرأي العام، فهو على استعداد لدعوته إلى منازلة “الضربة القاضية”، وليس بـ”التثبيت” فقط، لأن “الثنائي الشيعي” بات على قناعة راسخة أنه أمام منعطفات بالغة الخطورة وليست حادة فقط. وبالتالي فإن التهاون لن يجدي نفعاً.
ومعروف أن بري يستطيع إخراج “الأرانب من أكمامه” ساعة يشاء، وقد وضع نصب عينيه العبارة الشهيرة للبطل الأسطوري شمشوم: “عليّ وعلى أعدائي يارب” ودمر الهيكل على رؤوس كل من كانوا في ذلك الهيكل، إذا ما حاول نواف سلام التمادي من دون أفق في طروحاته المستمدة ـ كما يبدو ـ من كنف ما يسمى بتنسيقيات “المجتمع المدني”!