لبنان بين “فكي كماشة”

لبنان بين “فكي كماشة”

مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٨/٢٤

كان “جميلاً جداً” أن يشدّد كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية على “وجوب” انسحاب العدو الاسرائيلي من النقاط الخمس التي احتلتها بعد قرار وقف النار الذي تم التوصل إليه في الخريف الماضي، والتي يبدو أنها قد أصبحت سبعة وفق المراجع الأمنية المتابعة. في حين أن “إسرائيل” تفرض الشروط التي تراها مناسبة لأمنها، وهي تبدو “مرتاحة جداً” لوساطة الراعي الأميركي التي تعصف رياحه دائماً نحو الرغبات الاسرائيلية.

ومع نقل كلام عن لسان الموفدة الأميركية “العائدة” مورغان أورتاغوس ان “إسرائيل” ليست في وارد تقديم تنازلات للجانب اللبناني، بحجة الظروف القائمة في غزة وسوريا، يبدو أن الحكومة اللبنانية تتعامل مع الوضع المستجد بـ”التمنيات”، فقد نُقل عن رئيس الحكومة نواف سلام قوله عن كيفية مواجهة خطر عدم التزام “إسرائيل” بما عليها أجاب “ليس لدى لبنان إلا أن يراهن على أن إسرائيل سوف تلتزم”، وأن يكتفي لبنان بما عرضه الأميركي من “إصدار إدانة عن مجلس الأمن الدولي إذا لم تلتزم إسرائيل”!
على خطٍ موازٍ يبدو أن “عدم التوازن” هو سيد الموقف لدى السلطات الجديدة في سوريا… فهي، إلى جانب بعض اللقاءات الرسمية مع الجانب اللبناني في سوريا، تترك السيف مسلطاً على الحدود بين البلدين لجهة التهديدات التي تصدر بين الفينة والأخرى عن نية العشائر على أراضيها اجتياح بعض المناطق المواجهة لها في الجانب اللبناني.

وفي حين تكرر الحديث عن زيارة مسؤولين سوريين إلى لبنان منذ بدأ كبار المسؤولين اللبنانيين بالتردد على دمشق، لم يُسجّل حتى اللحظة تحديد أي موعد لزيارة أي مسؤول كبير سوري إلى بيروت، علماً أن وسائل الاعلام تداولت أكثر من موعد لزيارة هذا المسؤول أو ذاك.

على وتيرة مقابلة سُجل أكثر من لقاء مباشر بين مسؤولين كبار من سوريا و”إسرائيل، أقله في أذربيجان وفرنسا، وقد نقلت وسائل الاعلام الغربية شبه تأكيدات بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيرعى لقاء مباشراً بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع، على هامش الدورة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل.

والثابت بدون شكوك أن “إسرائيل” تمارس “خدعاً بصرية” في تعاطيها مع لبنان وسواه من الدول العربية، فيما السلطة في سوريا تسعى لتثبيت أقدامها في المجتمعين الإقليمي والدولي.

فهل سيصدق الراعي الأميركي بدعم الخريطة اللبنانية وسط التجاذبات الحادة، أم انه سيترك “دولة لبنان الكبير” تقلّع شوكها بأيديها، في ظل إعادة تركيب خرائط الشرق الأوسط الجديد الذي يبشّر به بنيامين نتنياهو تكراراً لما كانت بشّرت به وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس في 2006؟

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *