ماذا تعني رسالة قيادة كتائب القسام التي تم نشرها قبل قليل..!؟
بداية؛ أكتب هذه السطور بكل مرارة وألم، وكنت دائم الدعاء أن لا نصل لهذا اليوم الذي اكتب فيه هذه السطور …لكن قدر الله نافذ وحسن الظن به سبحانه لا ينقطع…
منذ أن قرر جيش العدو توسيع الحملة البرية الكبرى على قطاع غزة، وقرار المستوى السياسي بقيادة نتنياهو دخول مدينة غزة والسيطرة عليها، أصبح واضحاً أننا أمام تحول كبير ومنعطف حاد في المسار الكلي للحرب على قطاع غزة، والذي يعني محاولة ( إفناء ) للمقاومة والمجاهدين في غزة، وكسر شوكتهم، تحت عنوان: القضاء بشكل كامل ونهائي على المقاومة ومشروعها، والذي يضعه الكيان هدفاً رئيسياً واستراتيجياً للحرب التي لازال يخوضوها منذ عامين ..
أحسب أن قيادة أركان القسام ممثلة بالقائد الجديد أبو صهيب، وجدت نفسها أمام إنغلاق تام بالأفق السياسي والتفاوضي، ومراوغة من قادة الكيان، وخداع مستمر، وتماهي تام أمريكي مع الرؤية الصهيونية، والذي كان واضحاً جلياً في استهداف الوفد التفاوضي في عاصمة قطر الوسيط الأبرز بالملف التفاوضي، مع قناعة ترسخت لدى القسام أن ملف الأسرى أصبح هامشياً بالنسبة لشخص نتنياهو الذي يقود الجيش نحو أهداف محددة تتوافق مع رؤيته السياسية لإدارة الصراع مع الفلسطينيين…
هذا يعني أننا معركة إفناء وحرب وجودية بالنسبة للمقاومة، فقادة الكيان يعلمون أن صفوة الصفوة من القادة والمجاهدين لا زالوا متخندقين بثبات داخل أحياء وأزقة وركام مدينة غزة، بكل ثبات وإصرار على المواجهة النهائية مهما كان الثمن والكلفة، وأن الاستسلام للعدو أو الإنسحاب من هذه البقعة، أمراً مستحيلاً، وبالتالي فإن شكل القتال وطرق العمل وأساليب الدفاع ستكون مغايرة، خاصة مع حشد لفرق العدو النخبوية ، حيث حشد ما يلي:
- الفرقة النظامية 162 مدرعة .
- الفرقة النظامية 36 آلية.
- الفرقة الاحتياطية 98 مظلية.
كفرق ثلاث رئيسية للمناورة داخل مدينة غزة والسيطرة عليها..
والفرقة 99 احتياطية مشاة، والفرقة غزة 143 مناطقية ، فالدعم والاسناد الخلفي، فضلاً عن مشاركة واسعة من ذراع البحر والجو والوحدات الخاصة النخبوية، وتفعيل لمنظومات الذكاء الاصطناعي العسكرية…
أمام هذا الحشد الضخم من القوات المعادية، يوجد عدد قليل من الكتائب المقاتلة من القسام تعمل في القطاع الدفاعي الخاضعة لصلاحيات لواء غزة القسامي، مع من تبقى من الأجنحة العسكرية الأخرى، مع خسارة من الأصول البشرية والعسكرية والإدارية الشي الكثير طوال عامين من الحصار الشديد، والقتال المستمر، وظروف ميدانية صعبة، واستنزاف كبير …
هذا يعني أن المشهد، وبلا لبس؛ القسام بالإعلان عن هذا البيان، قد أخذ قرار البيعة على الموت في هذه البقعة الصغيرة الضعيفة، القوية بنفوس أهلها وعزيمة رجالها … وأنه لا يريد شفقة أحد ولا يرى إلا عقيدة الشيخ السوري الشهيد عز الدين القسام في مواجهة قضى فيها شهيدا ثابتاً وهو محاصر في أحراش يعبد قضاء جنين، رافضاً الاستسلام، والتي خُلدت شعاراً للمجاهدين في فلسطين:
( وإنه لجهاد نصرٍ؛ أو إستشهاد ) ..
وقد صدق الشاعر حين قال:
( واذا كان من الموت بدٌ؛ فمن العجزِ، أن تموت جباناً ) .
ونحن في هذا المقام الحرج، فإنه شتان بين من يكتب ويُقدر ويحلل؛ وبين من يدفع ثمن العزة من دمه وروحه…
وبما أن الأمر قد وصل لهذا المربع المتقدم في الحرب، فويلٌ لأمة فرطت بدرعها وخيرة شبابها ومجاهديها الشجعان، وصفوة الرجال في البقعة المباركة الطاهرة ( فلسطين )..
واذا قدر الله لغزة، أن تكون مقبرة مسلمي العصر؛ فإن دماء أهلها ومجاهديها لن تذهب سدى، وستكون علامة فارقة في تاريخ أمة بكل المقاييس، ولن يرحم التاريخ كل من تخاذل ورضي وصمت، وسيكون لغزة عزها ومجدها الذي تتناقله الأجيال ويحفظه التاريخ إلى يوم الدين …
ونحن على يقين تام بأن غزة هاشم، ستشهد ملاحم عظيمة سيرى فيها جيش الكيان أهوال عظيمة، ويذوق بأس رجالها الذين أذاقوه الموت الزؤام في العقود الثلاثة الأخيرة، ولن يقضي هؤلاء الرجال وهذه الثلة الطيبة، نحبهم إلى الله شهداء، إلا وقد حصدوا من أرواح وأشلاء جنود نتنياهو الكثير بإذنه تعالى …
وإن كان من وصية؛ فإن فرص النصرة والفزعة، لم تنقطع ولم تنتهي …
والله الموفق والمسدد.
✍ أسامة خالد