حملة “جنسيتي” تتقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لإزالة التمييز في قانون الجنسية
عقدت حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” مؤتمرًا صحافيًا بعنوان “من أجل المواطنة والحق بالجنسية، خطوة نوعية نحو العدالة والمساواة”، اليوم الأربعاء في 15 تشرين الأول 2025، في نقابة الصحافة اللبنانية. وأعلنت الحملة خلال المؤتمر تقديم اقتراح قانون معجل مكرر إلى المجلس النيابي يرمي إلى إزالة التمييز وتكريس الحقوق المتساوية في قانون الجنسية بين النساء والرجال في منح الجنسية، وذلك بالتعاون مع النائبة سينتيا زرازير.
حضر المؤتمر رئيسة المجلس النسائي السابقة المحامية إقبال دوغان، وعضو الهيئة الوطنية لمتابعة شؤون المرأة اللبنانية لميا عسيران والمخرجة المسرحية زينة دكّاش، ورئيسة المجلس النسائي الحالي لورا صفير، وعدد من الناشطين والناشطات والمتأثرين والمتأثرات من التمييز في قانون الجنسية.
- شبّو: اقتراح القانون المعجّل المكرّر صيغة قانونية فعّالة ومشروعة
أعلنت مديرة الحملة وعضو التحالف العالمي للمساواة في قوانين الجنسية كريمة شبّو: “نحن هنا لنعلن معًا عن تسجيل اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعديل المادة الأولى من قانون الجنسية اللبنانية، بحيث تصبح: “يُعتبر لبنانيًا كل شخص مولود من أب لبناني أو أم لبنانية.” وأوضحت أنّ “هذا التعديل البسيط في صياغته، العميق في معناه، هو خطوة باتجاه تحقيق العدالة والمساواة والمواطنة الكاملة بين جميع اللبنانيين واللبنانيات”. وأشارت إلى أنّ تقديم الاقتراح بصيغة معجّل مكرّر جاء “لأنّ الواقع لم يعد يحتمل الانتظار، فالنساء اللبنانيات ما زلن يعشن يوميًا نتائج قانون مجحف يمنح الجنسية للأب ويحجبها عن الأم، ويحوّل أبناءها إلى غرباء في وطن أمهاتهم/نّ”. وأضافت: “منذ سنوات، وبالتعاون مع شركاء مدنيين ونسويين وحقوقيين وبرلمانيين وهيئات، عملنا على إعداد وصياغة اقتراحات قوانين شاملة وعادلة لتعديل قانون الجنسية، لكنها بقيت عالقة في اللجان النيابية، حتى أصبحت تلك اللجان أشبه بـ‘مقبرة اقتراحات القوانين الإصلاحية‘، حيث تغيب الإرادة السياسية وتتراكم التعقيدات.” وتابعت: “أمام هذا الواقع، اخترنا الطريق العملي، فتقدّمنا باقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة الأولى من قانون الجنسية، بما يتيح طرحه مباشرة على الهيئة العامة لمجلس النواب دون إحالته إلى اللجان، ودون تعطيله في مسار بيروقراطي طويل، كي يُناقش في جوهره لا في تفاصيل تُستخدم لتأجيل الحل.”
وأكدت شبّو أن الهدف هو كسر الجمود التشريعي، موضحة أنّ “اقتراح القانون المعجّل المكرّر صيغة قانونية فعّالة ومشروعة تمامًا، يتيحها النظام الداخلي لمجلس النواب، وتُستخدم عادة عندما يكون المقترح محدّد الهدف وواضحًا، ولا يحتاج إلى توقيع عشرة نواب كما في الاقتراحات العادية، بل يمكن أن يتقدّم به نائب واحد باسم قضية عادلة”. وأضافت أنّ “القيمة السياسية والحقوقية لهذا الخيار لا تكمن فقط في تعديل نص قانوني، بل في التأكيد على أنّ العدالة الدستورية لا تنتظر المزايدات، وأنّ مسؤولية المجلس النيابي لا تقتصر على النقاش في اللجان بل تشمل اتخاذ القرار في الهيئة العامة”. وشرحت أنّ “إقرار هذا التعديل هو تطبيق مباشر للمادة 7 من الدستور اللبناني التي تنصّ بوضوح على أن: كل اللبنانيين سواء لدى القانون، ويتمتعون بالحقوق ويتحمّلون الفرائض دون فرق بينهم”. وتوجّهت برسالة إلى المجلس النيابي قائلة: “لا مزيد من الانتظار، لا مزيد من التأجيل. ضعوا هذا الاقتراح على جدول أعمال الجلسة العامة، وافتحوا النقاش أمام الرأي العام، وصوّتوا على حق كل أم لبنانية أن تنقل جنسيتها لأولادها.” كما دعت المجتمع المدني والهيئات النسوية والوطنية إلى مواصلة الضغط والمناصرة حتى إقرار القانون في الهيئة العامة. وفي الختام أكدّت شبّو على “عدم التراجع إلى حين تحقيق هذا الحق” مشددة المضي في هذه القضية “حتى النهاية وحتى تحقيق العدالة للجميع”.
- زرازير: التمييز ضد النساء في قانون الجنسية غير دستوري
من جهتها، أوضحت النائبة سينتيا زرازير أنّ الاجتماع اليوم هو “تحت سقف الدستور اللبناني، الذي يُفترض أن يكون عقدًا جامعًا حاميًا لجميع اللبنانيين بلا تمييز. لكن للأسف، هناك حق أساسي من حقوق الإنسان لا يزال يُنتزع من ملايين النساء في لبنان: ألا وهو حق الأم اللبنانية في منح جنسيتها لأولادها، تمامًا كما يفعل الأب اللبناني.” وقالت زرازير: “في العام 2025، وبعد كل ما مرّ على بلدنا من أزمات وتحولات، ما زالت الدولة اللبنانية تتعامل مع المرأة كمواطنة منقوصة الحقوق. فبينما يستطيع الرجل اللبناني المتزوج من أجنبية أن يمنح جنسيته لأولاده تلقائيًا، تُحرم المرأة اللبنانية من هذا الحق الطبيعي، وكأنّ انتماءها إلى هذا الوطن أقل شأنًا.” وأشارت إلى أن “هذا التمييز يخالف بوضوح نصوص الدستور، سواء الفقرة (ج) من مقدمته التي تنص على أن الجمهورية اللبنانية تقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، أو المادة السابعة التي تؤكد أنّ كل اللبنانيين سواء لدى القانون.” وتساءلت: “كيف يكون اللبنانيون سواء أمام القانون، إن كانت الأم اللبنانية تُمنع من منح جنسيتها لأطفالها، بينما يُسمح للأب بذلك تلقائيًا؟ وأي عدالة اجتماعية هذه التي تُفرّق بين أم وأب في حق أساسي يتعلق بالانتماء إلى الوطن؟ لقد آن الأوان — وبكل وضوح وجرأة — لا أن نرفع الصوت فقط، بل أن نضع حدًا لهذا الظلم التاريخي.” وأضافت أنّ “القانون الحالي مجحف بحق النساء، ويجعل آلاف الأمهات يعشن القهر اليومي، إذ لا يستطعن تسجيل أولادهن في المدارس الرسمية، وتواجه عائلات خطر الانفصال أو الهجرة لأن أولادهن بلا جنسية، فيما يولد أطفال في لبنان، يعيشون على أرضه ويتحدثون لغته، لكن القانون لا يعترف بانتمائهم إليه.” وختمت زرازير بالقول: “لا وطنًا حرًا بلا نساء حرّات، ولا مساواة حقيقية من دون إنصاف المرأة اللبنانية.”
- دوغان: لمقاطعة من لا يعترف بحق النساء في الانتخابات المقبلة
أكدت المحامية إقبال دوغان أنّ حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” بدأت منذ 22 عامًا بالمطالبة بحق النساء اللبنانيات في منح الجنسية لأفراد أسرتهنّ، مشيرة إلى أنّ الحملة انطلقت في سبع دول عربية، وقد منحت معظم هذه الدول الحق للأم، فيما لا يزال لبنان يحرم المرأة اللبنانية من هذا الحق. وأضافت: “هذا الحق لا علاقة له بالسياسة، بل هو حق دستوري ومضمون في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، من بينها اتفاقية سيداو التي تتفوق على القوانين المحلية.” ودعت دوغان النساء اللبنانيات إلى مقاطعة المرشحين الذين لا يتبنّون هذا الحق ضمن برامجهم الانتخابية في الاستحقاق النيابي المقبل.
- صفير هذا حق اساسي
وأكدّت رئيسة المجلس النسائي اللبناني لورا صفير على أنّ حملة جنسيتي باتت رمز للنضال الطويل من أجل حق طبيعي وإنساني ولكن أساسي، وهو حق كل امرأة لبنانية منح جنسيتها لأسرتها. ولفتت إلى أنّ “هذا الحق ليس ترفا بل دستوريًا وشرط المساواة الأساسي بين الرجل والمرأة”.
- شهادة من الواقع
الشابة نور فطايرجي، ممثلة عن الشباب والشابات والأمهات وأولاد النساء اللبنانيات المتأثرين/والمتأثرات من التمييز في قانون الجنسية و هي مولودة لأم لبنانية وأب غير لبناني، روت تجربتها قائلة: “درست في مدارس وجامعات لبنان، وعملت وتدربت في شركاته، ودفعت الضرائب وأديت واجباتي مثل أي لبناني، لكن في كل مرة أقف فيها على شباك المعاملات يُقال لي إنني غريبة، حرفيًا أو ضمنيًا.” وأضافت: “أخذت من أمي كل شيء، إلا جنسيتها، لأن القانون رأى أن دم أمي لا يكفي لأكون لبنانية.” وختمت قائلة: “لم نعد نريد سماع الأعذار، نريد أفعالًا وقانونًا وعدالة. حق الأم في منح أولادها هويتها ليس منّة من أحد، بل هو أبسط حقوقها.”
حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي



