أتى رمضانُ ونحن لم نأتِ!
سُئلتْ العجوزُ الشَّمطاءُ “غولدا مائير” مرَّةً: ما أتعسَ يومٍ مرَّ عليكِ، وما أسعدَ يومٍ مرَّ عليكِ منذ قيام “الدولة”!
فقالتْ: أتعس يومٍ مرَّ عليَّ هو يوم إحراق المسجد الأقصى، قلتُ المسلمون سيذبحوننا صبيحة اليوم التّالي!
وأسعد يومٍ مرَّ عليَّ هو صبيحة اليوم التّالي عندما لم يفعلوا شيئاً!
كفى بالمرءِ عاراً أن يُخيَّبَ ظنَّ عدوّه به!
وعلى ما يبدو أن التَّاريخَ لا يكفُّ عن تكرار نفسه! حكايات مكررة، وأحداث متناسخة، وإنما يتغيَّرُ النَّاسُ فقط، وإنك لو تأملتَ لوجدتَ أنّه في كل عصرٍ يوجد موسى وفرعون، وفي كل عصرٍ يوجد مهاجرون وأنصار، وفي كلِّ عصرٍ يوجد قارون وسامريّ، كما يوجد نجاشيّ أيضاً! أبو جهل فكرة واجهها كلّ الأنبياء خلال مرحلة دعواتهم، ولكن أبا جهلٍ الشّخص ترسّخ في أذهاننا لارتباطه بسيرة نبيّنا ﷺ، الصحابة كانوا هم الحواريين في زمنٍ مضى، وفي كلِّ جماعةٍ طيّبة لا بُدَّ من يهوذا الساخر او متفيهق مقامر
مع استمرار المذبحة على غزَّة كان الاحتلال ومن ورائه أمريكا ينتظرون أدنى تنازل من المقاومة في ملف الأسرى أو بقاء قوات الاحتلال في غزّة لإنهاء الحرب قبل رمضان بما يمكن تسويقه على أنّه نصر! كانوا يعتقدون أن الشارع العربيَّ قد يفلت من بين أيديهم، وأن يحصل زلزال يُغيّر شكل المنطقة ومعها شكل العالم! ولكنهم تفاجأوا كما تفاجأت غولدا مائير من قبل أنَّ الأمر لا يعني أحداً، وأن الأمور لن تتعدى الشجب والإدانة، وإنَّ ربَّ رمضان هو ربّ بقيّة الأشهر!
ما زلتُ كما يوم العبور المجيد في السابع من أكتوبر- أؤمنُ أنَّ هذه العصابة لن تهلكَ أبداً، وأنها باقية ومنصورة، وأنَّ الله تعالى لن يتركها وحدها وإن تركناها نحن وحدها! أنظرُ إلى المشهد كلّه تارة بعينٍ باكية على النَّاس، وتارةً بعين الفخر على هذه المقاومة المعجزة التي أقامت الحُجَّة على الأمة كلها بأنه من يريد يستطيع، وأنّ هذا الكيان يمكن بالفعل تمريغه بالأرض! أنظرُ إلى المشهد كله، أجده يُشبه يوم الأحزاب، وأؤمنُ أن الرِّيح ستأتي لتكفأ قدور المشركين وتُطفىء نارهم، ولكني فقط أرقبها من أي اتجاه ستأتي!
أدهم شرقاوي / مدونة العرب