ماذا بعد العدوان الأميركي – “الإسرائيلي” الغادر على إيران؟
شارل أبي نادر
ماذا بعد أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بالاعتـ.ـداء على إيران مستهـ.ـدفا، ليل الجمعة- السبت الماضي، أهم منشآتها النووية الأساسية (فوردو ونطنز واصفهان)، بوابل من القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات “GBU-57” وبعدد من صوا ريخ “التوماهوك”، عبر سرب من القاذفات الاستراتيجية “B-2” الشبحية، والمدعومة بعشرات القاذفات المقـ.ـاتلة “F-35″ و”F-22” ؟؟.
في الواقع، هناك كثير من المعطيات والتساؤلات الحساسة التي فرضها هذا الـ.ـعـ.ـدوان، تستوجب الإشارة إليها؛ وهي:
أولاً- مرة جديدة، تثبت الإدارة الأميركية أنها لا تعطي للقانون الدولي ومؤسساته أيّ قيمة، وهي تتجاوز – ساعة تجد مصلحتها وأين تجدها – القوانين والمؤسسات الدولية كلها، والتي تدعي- أي الولايات المتحدة الأمريكية- أنها شريكة أساسية في نشآتها وفي وجودها. لقد انقسم الداخل الأميركي حيال مشروعية هذا الـ.ـعـ.ـدوان أو عدم مشروعية، وفي جدواه أو عدم جدواه، حيث اتفقت أغلب دول العالم على عدم مشروعية هذا الـ.ـعـ.ـدوان، ووضعته ضمن مسار الخداع التاريخي الذي تشتهر به الإدارة الأميركية لتسويغ اعتـ.ـداءاتها على الدول، بحجج واهية، تختلقها بكل سهولة واستهتار بالوقائع الصحيحة والفعلية.
ثانيًا- على الرغم من إدعاء الإدارة الأميركية- بشخص رئيسها ترامب- أن الـ.ـعـ.ـدوان حقق هـ.ـدفه بتدمير القدرة النووية السلمية الإيرانية بكاملها، وبتدمير النواة العسـ.ـكرية لهذه القدرة، يمكن الاستنتاج من أغلب المصادر والمعطيات الجدية، سواء الإيرانية أم الدولية، وخاصة بسبب عدم ورود أي إفادة عن أي تسرب إشعاعي من أي من المنشآت المستهـ.ـدفة، وبتأكيد أكثر من مصدر للحركة الضخمة لشاحنات نقل وُجدت في المواقع المستهـ.ـدفة قبل تنفيذ الـ.ـعـ.ـدوان، بأن هذا الأخير كان أشبه باستعراض إعلامي سياسي عسـ.ـكري، وبأن البنية الأساسية للقدرات النووية الإيرانية، لناحية أجهزة التخصيب الحديثة أو لناحية كميات اليورانيوم المخصب بدرجة عالية، قد نقلت إلى أمكنة بعيدة وآمنة وسرية، وأن الكادر الفني والهندسي العلمي النووي الايراني، على الرغم من اسـ.ـتشهـ.ـاد بعض مهندسيه غدرًا في الاعتـ.ـداءات “الإسرائيلية”، ما يزال موجودًا وقادرًا على متابعة عمله السيادي، ساعة تريد القيا دة الإيرانية، وفي المكان المناسب.
ثالثًا- على الرغم من هذا الـ.ـعـ.ـدوان الأميركي على منشآت إيران النووية، تابعت طهران وبتصاعد لافت، مناورتها الصـ.ـاروخية ضد كيان الاحتـ.ـلال، محدثة تدميرًا غير مسبوق وغير منتظر، في كل مدن الكيان. ومع إدخالها صوا ريخ جديدة ومتطورة، في دقتها وفي قدرتها التدميرية، وفي إمكاناتها الواسعة على الإفلات من أكثر منظومات الدفاع الجوي الحديثة “الإسرائيلية” والأميركية، أثبتت إيران إن قدرتها على التأثير وعلى الردع في مواجهة الـ.ـعـ.ـدو “الإسرائيلي” تنمو وتتطور وتتوسع، وبأن هذه القدرات مستقلة تمامًا عن القدرة النووية التي استهـ.ـدفها الـ.ـعـ.ـدوان الاميركي، وهي غير مرتبطة بها بتاتًا.
انطلاقا من ذلك كله؛ وبمعزل عن المسار الديبلوماسي الذي ما يزال استئنافُه واردًا وبقوة، والذي لم ترفضه أصلاً إيران يومًا، لم يعطِ هذا الـ.ـعـ.ـدوان الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية أي نقطة إيجابية لمصلحة أمن كيان الاحتـ.ـلال وتوازنه وموقفه، لا بل تزداد يومًا بعد يوم حال اليأس والخوف بين المستو طنين، وتضعف يومًا بعد يوم ثقة هؤلاء بمسؤوليهم وبقدرتهم على حمايتهم وعلى تثبيت وجودهم الآمن أو حمايته في الأراضي التي يحتـ.ـلونها، والأهم من ذلك كله، أن هذا الـ.ـعـ.ـدوان الأميركي قد حرر إيران من قيود منظمات دولية معنية بالطاقة الذرية أو بغيرها، لم تكن يومًا إلّا ذراعًا خبيثًا للولايات المتحدة الأمريكية وللصهاينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- موقع العهـد الإخباري*