من التالي بعد غزة؟

من التالي بعد غزة؟

مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٨/٢

بعد سنة وعشرة أشهر على صمود قطاع غزة تجاه حرب عالمية، بكل مقاييس الوحشية وحروب الإبادة الجماعية، تشير كافة الوقائع إلى أن الاستمرار على هذه الوتيرة لن يدوم طويلاً، لأن موازيين القوى لا يمكن أن تُقاس بأي نمط من التكافؤ، بل بتعبيري الجنون والإرادة…الجنون في إبادة شعب أو نقله إلى مكان أخر، وفي إرادة لا يبدو أنها ستلين.

وانطلاقاً من أن أي وقف للعمليات العسكرية من قبل العدو الاسرائيلي سيُفَسّر على أنه انتصار لحركة المقاومة، وهذا ما يُترجم من خلال سردية المفاوضات الجارية في دولة قطر، وبالتالي انهزام آلة عسكرية لا تعرف معنى “أخلاقيات الحروب”، فإن لا شيء يوحي بأن المخطط الإجرامي الموضوع لهذه المنطقة، التي لا تتعدى بضع مئات من الكيلومترات، والذي أعطى بعض ملامحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجهة تحويله الى منتجع أو ما شابه، قد تغيّر، فيما يزداد عدّاد الشهداء بشكل مطّرد، أو الذين يودون الخروج أحياء من تلك المقتلة!

اللافت جداً أنه، وفي ظل هذه الكارثة التي أعمت أبصار المجتمع الدولي وشلّت ضميره، يخرج قادة الكيان الاسرائيلي ليتحدثون علناً وبكل صفاقة عن وجوب ضم الضفة الغربية، أي ما تبقى من خريطة فلسطين التاريخية، بكل تفاصيلها إلى الكيان الذي لم يعرف يوماً حدوداً، ولا يبدو في الأفق أنه سيعرف. في حين يظهر رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة حاملاً خرائط الشرق الأوسط الجديد، وكأنه يطلب التوقيع عليها من قبل كل الدول المنضوية في هذا المجمّع الذي تحوّل الى مجال للسخرية في كل مفردات العدالة الدولية.

وفي حين رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “لا شيء يبرر إبادة غزة”، قرّر الرئيس ترامب في أحدث تصريحاته أنه يتطلع إلى إطعام الناس في القطاع. في حين يستمر نتنياهو بعقد الاجتماعات الاستثنائية لـ “الكابينت” لإتخاذ القرارات الحربية المناسبة لإنهاء الحرب في غزة وفق تخطيطه. فلمن ستكون الكلمة الفصل لنتنياهو أم لترامب؟

وإذا تيسّر لنتنياهو أن ينهي وجود تلك البقعة من الأرض، بتسهيل أميركي أعمى، وبالتالي تجري تصفية آخر معالم ما يُسمى بالسلطة الفلسطينية، سيتم تحقيق الحلم اليهودي بإقامة هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى.

وإذا ما فكّرت بعض دول الإقليم برفع الصوت، فستجد الغطرسة الإسرائيلية تتمدد في أجوائها، لأن من استطاع أن يستبيح أجواء الجمهورية الاسلامية الإيرانية، لن يردعه أحد عن اتخاذ ما يراه مناسباً من إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط وفق ما يحقق طموحاته التوراتية!

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *