قلق أميركي ـ إسرائيلي من صعود سياسي للمقاومة
⚠⭕قـلـق أمـيـركـي – إسـرائـيـلـي مـن «تـقـدّم» سـيـاسـي لـلـمـقـاومـة بـعـد فـشـل مـحـاولـة الإخـضـاع | *
المـقـاومـة والـعـدو: مـرحـلـة جـديـدة
إبـراهـيـم الأمـيـن – صحيفة الأخـبـار
كان إحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد حسن نصرالله مناسبة للمقاومة لإعادة ترتيب الأوراق على مستوى المشهد الداخلي.
الحضور الشعبي الواسع في احتفالات بيروت والمناطق، وما سبقها من فعالية مركزية في العاصمة، إضافة إلى أنشطة أخرى في عدد من المدن والبلدات…
ثبّت في عقل المعنيين، من أصدقاء المقاومة وحلفائها وخصومها وأعدائها، أنّها لا تزال تتمتع بواقع شعبي وتنظيمي متين.
وأن حزب الله قادر على حشد جماهيره وتنظيم تحركات ضخمة من دون ارتدادات سلبية تُذكر.
ومع ذلك، تبقى بعض الملاحظات الجدية على سلوكيات محدودة، يبرّرها مقرّبون من الحزب بأنها مجرّد «فشة خلق» في مواجهة استفزازات الخصوم.
وهي في الجوهر سلوكيات عابرة، رغم أنها تسيء إلى صورة من يعمل بلا كلل استعداداً لمواجهة سياسية وعسكرية كبرى.
والمفارقة أنّ من يمارس هذه التصرفات لم يدرك بعد حجم ما حدث فعلاً.
وجاء إحياء الذكرى أيضاً في لحظة تحولات كبرى تشهدها المنطقة.
فبمعزل عمّا ستؤول إليه المبادرة الأميركية الجديدة بشأن غزة، لم يطرأ أي تغيير جوهري على موقف واشنطن من السلوك الإسرائيلي.
وما سرّبه أعضاء في الوفد الكويتي عن اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع وفد عربي – إسلامي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يكشف الكثير عن التوجهات الأميركية.
صحيح أنّ ترامب قال، في العلن وداخل الاجتماعات، إنه جاد في السعي إلى وقف الحرب على غزة، لكنه ركّز على ما وصفه بـ«مخاطر عزلة إسرائيل في العالم».
والأهم أنّه كان يتحدث طوال الوقت على قاعدة أنّ إسرائيل خرجت منتصرة في حروبها على حماس وحزب الله وإيران والنظام السوري السابق.
وبالنسبة إليه، فقد حان وقت استثمار هذه النتائج سياسياً.
المحاولة الأميركية لا يمكن تخيّل أنها ستؤول إلى استقرار أو سلام طويل الأمد.
فالمسألة ليست محصورة بالعلاقة الأميركية – الإسرائيلية فحسب، وما أعلنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في خطاباته الأخيرة، داخل الكيان وفي الأمم المتحدة…
يُعد إقراراً بأن مهمة القضاء على المقاومة في لبنان وعلى دور إيران لم تُنجَز بعد.
وهو يتصرف وكأنه أمام معركة كبرى في الضفة الغربية، وفي سوريا أيضاً.
ولا يبدو أن واشنطن تقف ضده، بل على العكس، تبدو داعمة لجهوده في ترسيم وقائع جغرافية وعسكرية وأمنية وسياسية كنتائج للحرب المفتوحة.
وبهذا المعنى، يتحوّل الحديث عن وقف الحرب في غزة بمنزلة استراحة لالتقاط الأنفاس، استعداداً لمعركة أكبر في مكان آخر – وهو بيت القصيد.
من الواضح، بالنسبة إلى أميركا وإسرائيل، أنّ إيران استوعبت الضربة التي وُجّهت إليها في حزيران الماضي.
كما إنّ مواقفها من المفاوضات حول برنامجها النووي، ومن الضغوط الغربية المطالبة بتفكيك برنامجها الصاروخي…
تعكس إدراكاً عميقاً لدى القيادة الإيرانية بأن المعركة لا تزال مفتوحة، وأن احتمال العودة إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل وحدها…
أو معها ومع الولايات المتحدة معاً، يبقى احتمالاً جدياً ومرجّحاً.
وكذلك في لبنان، فإن كل ما قاله المبعوث الأميركي توم براك لم يكن سوى محاولة لـ«تبرئة ذمته» ممّا هو آتٍ.
ففي أكثر من تصريح، أوضح أن إسرائيل غير مقيّدة، وأنها ترى نفسها مضطرة إلى القيام بعمل عسكري واسع ضد حزب الله، إذا لم تُقدم الحكومة اللبنانية على نزع سلاحه.
والأهم أن براك تحدّث للمرة الأولى علناً عمّا يجري تداوله في الأوساط الاستخباراتية العربية والغربية حول ما يُعرف بـ«قيامة حزب الله»
في إشارة إلى أنّ الحزب يعمل بجدية على إعادة تنظيم صفوفه العسكرية، وترتيب ما تبقّى من قدراته، بالتوازي مع تعافٍ مدني يثير قلق أميركا وإسرائيل.
لكن جوهر الموقف، بالنسبة إلى براك ومن خلفه، أنّ هذه التصريحات أُفرج عنها بعدما فشلت حكومة نواف سلام في المضي قدماً في برنامج المواجهة مع الحزب.
وهو ما اعتبره الغربيون – ومعهم إسرائيل – تراجعاً أو ضعفاً لدى حلفائهم في لبنان.
الأمر الذي أعاد الاعتبار – في نظرهم – إلى الفكرة القائلة إن إسرائيل وحدها قادرة على إنجاز المهمة.