هل من تلازم بين صرخة المفتي ، الإحباط السني

هل من تلازم بين صرخة المفتي، الإحباط السني، وزيارة الشرع؟

بقلم: سمير الحاج رئيس جمعية اللجان الأهلية..

في توقيت دقيق وظروف وطنية حساسة، جاءت زيارة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى العاصمة السورية دمشق، ولقاؤه السيد أحمد الشرع، لتفتح الباب واسعًا أمام قراءة متعددة الأبعاد، تتجاوز الجانب الديني أو البروتوكولي، وتلامس عمق المشهد اللبناني والإقليمي، لا سيما ما يتعلق بالحالة السنية في لبنان.
فالصرخة التي أطلقها سماحة المفتي قبل أيام، لم تكن صوتًا منفردًا، بل نبضًا حقيقيًا لمعاناة الطائفة السنية التي تعيش حالة من القلق والوجع والبحث عن أفق. إحباط سياسي، تراجع في الدور، انسداد في الأمل، وشعور متنامٍ بأن أحد أبرز مكونات الوطن بات على هامش القرار، في ظل التوازنات المختلة.
وفي ظل هذا المناخ، لم تأتِ زيارة المفتي لدمشق خارج السياق، بل بدت وكأنها تتمة لصوت العقل والاعتدال، الذي يدعو إلى الانفتاح والحوار، وإعادة وصل ما انقطع بين الإخوة في الأمة الواحدة، مهما تباعدت المواقف وتشعبت الحسابات.
لقاء المفتي دريان بالسيد أحمد الشرع، وإن حمل طابعًا أخويًا وشخصيًا، لا يخلو من رمزية سياسية عميقة. فالمفتي، بصفته الدينية والوطنية، لا يمكن أن ينفصل عن واقع طائفته، ولا أن يغضّ الطرف عن التحولات من حوله. وبالتالي، فإن رسالته المبطّنة قد تكون واضحة: لا عزلة بعد اليوم، ولا تهميش بعد الآن، ولا بقاء في قوقعة الانقسام، بل عودة إلى الحضور والتفاعل والمبادرة.
من هنا، يُطرح السؤال المشروع:
هل تُشكّل هذه الخطوة بداية مسار جديد في الأداء السني العام؟
هل نحصد في القادم من الأيام إعادة تموضع سياسي – ديني متوازن، يضمن للطائفة دورها ضمن الدولة، ويكرّس مرجعياتها كمحاور حقيقي في الداخل والخارج؟
الجواب رهن المسار. لكن الثابت أن ما بين صرخة بيروت وخطوة دمشق، ثمة مؤشر إلى أن المفتي دريان لا يكتفي بتشخيص الأزمة، بل يسعى إلى بناء جسر جديد، فوق حطام الاصطفافات والانقسامات، يربط الداخل اللبناني بعمقه العربي والإسلامي، ويحفظ الدور من الانزلاق أو التلاشي.
هي لحظة مصارحة ومصالحة، ومسؤولية الجميع أن يلتقطوا دلالاتها قبل أن يفوت الأوان.

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *