قبطية ثائرة اسمها سارة

قبطية ثائرة اسمها سارة

مقالة بقلم الأديب الأستاذ جورج بدر غانم

نزلت من الصعيد خريف ١٩١٩ بعد ان دفنت في اسيوط جثة زوجها الممزقة التي سحلتها سيارة عسكرية إنكليزية أنتقامًا منه لمشاركته ثورة المجاهد احمد عرابي ضد الوجود العسكري البريطاني في مصر والذي هو لا شرعي ولا مؤقت ولا ضروري؛ حسب العرف المتبع في الصعيد لم تُقِم الارملة مأتمًا قبل الاخذ بثأر زوجها؛ في القاهرة التحقت بالثوار الوطنيين الذين يرفعون راية الجهاد وفي وسطها هلال وصليب، فيهم رجال دين مسلمين ومسيحيين ومواطنين اقسموا ان يفتدوا مصر بارواحهم.
كانت امرأة فائقة الجمال، تسير في مقدمة الثائرين، تحمل منديلًا ابيض مخضبًا بالدماء وهي تصيح: “اصمدوا يا ابطال مصر”.
سار هؤلاء خلف القبطية الصعيدية وقد ارتفع زئيرهم يلطم اذان المحتلين ويوقع بهم القتلى والجرحى. فجأة ترنحت البطلة سارة في مكانها، اصابها الرصاص المجرم الغادر فوقعت أرضًا وبقي العلم الملطخ بدماء زوجها الشهيد في يدها.
في المستشفى وهي بحالة الاحتضار اشرق وجهها وهي ترى كاهن بلدتها التقي الورع يقترب من سريرها ويركع على ركبتيه ويصغي خاشعًا الى وصيتها: ادفنوني قرب زوجي ولفوا صدري بالمنديل المخضب بدمه، وصيتي لك يا ابتِ ان تعتني بطفلتي الصغيرة. تلت سارة صلاة قصيرة واغمضت عينيها ونور الاستشهاد على وجهها.
بعد عقود ثلاث على استشهاد سارة وزوجها وتحديدًا في شهر تشرين الثاني عام ١٩٥١, احتفل الشعب المصري بذكرى شهداء ثورة ١٩١٩. فهل ذكر احدهم بالمناسبة سارة القبطية الثائرة؟

جورج بدر غانم

مركز النهوض الاعلامي

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *