العرقبادة أول أسطر النهاية…

العرقبادة أول أسطر النهاية…

د. فيصل عبدالرؤوف فياض يكتب:
فى ظل استمرارية العدوان الإسرائيلى على شعبنا في قطاع غزة، والذي يستخدم في عدوانه كل الأدوات والوسائل والطرق والحيل لتنفيذ مخططاته الخبيثة، وعلى رأس هذه المخططات تهجير الفلسطينيين سواء قسرا أو طوعيا.
بدأت ملامح هذه الخطة، باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين لتخويفهم وترهيبهم من أجل البحث عن مناطق آمنة للنجاة بأرواحهم وعائلاتهم من بطش آلة الاحتلال الغاشم، وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أنه صدر قرار لدى قوات الاحتلال بتشكيل هيئة تشرف على تشجيع الراغبين في الهجرة للانتقال إلى بلد آخر، وهذا يتساوق مع خطة ترمب بترحيل أهل غزة إلى الخارج، وإنشاء منطقة حديثة تسمى ريفيرا الشرق، أو إعادة مشهد حلمه القديم (صفقة القرن٢) سواء في سيناء أو داخل قطاع غزة نفسه.


هنا، يجب الانتباه إلى أن هناك سياسة ناعمة من طرف حكومة الاحتلال بخصوص تنفيذ خطة التهجير حتى لا تتم إدانات دولية بارتكاب جرائم حرب، خاصة أن ما شجع إسرائيل للحديث أن هناك استطلاعات ودراسات تقول بأن الخطة تستهدف أكثر من مائتين وخمسون ألفا من الراغبين في المغادرة خلال المرحلة الأولى، وذلك من خلال فتح أبواب الخروج عبر مطار إسرائيلي أو عبر ممر بحري، أو حتى عبر المعابر الحدودية البرية(معبر رفح البري)، وذلك بضرب الحدود الفلسطينيةالمصرية وترك السكان يجتازوا الحدود باتجاه سيناء، عبر فتح ممر إنساني لهم، وبالمناسبة قد يحدث هذا السيناريو وكنت قد أشرت له في مقال سابق.


وقد نسمع قريبا برصد مبالغ مالية طائلة لتنفيذ هذا المخطط وتقديم التحفيزات لذلك.
منذ الأسابيع الأولى لحرب الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي واسمحوا لي أن أطلق عليها مصطلحا غريبا بعض الشيء لكنه يجمع ما بين المصطلحين (العرقبادة) بكسر العين، وهو مصطلح يطلق على ما يحدث في قطاع غزة، مصطلح يصف الحالة بكل معنى الكلمة، لما فيه من وحشية الإبادة والتطهير، إذن بات واضحا بأن النية الإسرائيلية لتهجير سكان القطاع إلى خارجه باتت واضحة وجلية، وبرغم المد والجزر في مستوى الغطاء الأميركي والغربي لهذه الخطوة، إلا أنها بقيت في صلب الإستراتيجية السياسية والعسكرية للاحتلال حتى الآن.


إن ما يحدث في العقلية الإسرائيلية يعود للهاجس الديمغرافي(نقل السكان)، حيث تقوم الفكرة الصهيونية على أن “فلسطين أرض بلا شعب، سيقطنها شعب بلا أرض”، ولكي تصبح هذه الفكرة صالحة للتنفيذ ينبغي أن تصبح الأرض فعلا بلا شعب فلسطيني، وهذا يحتاج لتغيير الطبيعة الجغرافية للأرض والديموغرافية للسكان، وما حدث في شمال قطاع غزة وفي جنوبه(رفح وخان يونس) دليل على ذلك.


فعلا، فقد اعتمد جيش الاحتلال سياسة الترويع من خلال تشديد الحصار ليصبح حصارا شاملا، أوقف بموجبه الماء والغذاء والوقود والكهرباء، إضافة إلى القصف الهادف إلى إيقاع أعداد كبيرة من القتلى ونطاق واسع من الدمار، بما يشمل تقويض المرافق المدنية وتدمير البنية التحتية، وكل ما يلزم لاستمرار الحياة، كالمستشفيات والمدارس والمساجد والمؤسسات، كما استخدم الاحتلال أوامر الإخلاء المتدرجة لبعض مناطق القطاع بما سيؤول لاحقا إلى تجميعهم على الحدود مع مصر كمقدمة لتهجيرهم برغم رفض الدولة المصرية المطلق لهذا المخطط، والوقوف سدا منيعا أمامه في كافة المواقع والتأكيد على الموقف المصري الصلب في كافة المحافل العربية والاقليمية والدولية.


وبرغم ما يحدث، لغاية الآن لم تنجح خطة التهجير كما تتمنى إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، بسبب عدة عوامل أهمها: صمود السكان في أماكن تواجدهم، ووقوف الدولة المصرية سدا منيعا أمام مخطط التهجير من جهة الحدود البرية، وكذلك الأردن الشقيق، بالإضافة للموقف الدولي والأوروبي الرافض لهذا المخطط، والداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك مشاركتها الفاعلة في مؤتمر حل الدولتين، و إعلانها الصريح في ٢٢ سبتمبر- أي بعد غد- عن نيتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث بات معلوما بأنه لا يوجد غطاء دولي لغاية الآن لتنفيذ مخطط التهجير، بالإضافة للعديد من الأسباب الأخرى.


وفي هذا السياق، أوجد الاحتلال في وقتنا الحالي ظروفا طاردة لأهالي القطاع خصوصا في مدينة غزة فلا أمان من القصف والموت، ولا توفير لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية والمعيشية، فالاحتلال يراهن على الانكسار النفسي للسكان في غزة، مما سيدفعهم للهروب والنجاة من الموت وبذلك يكون قد حقق الاحتلال هدفه الاستراتيجي.
حقا إن ما يحدث هو بداية أسطر النهاية وقد يحدث ما يلي من سيناريوهات:
أولا: تنفيذ مخطط التهجير والذي بات قريبا.


ثانيا: استمرار العدوان (العرقبادة) بكل بطش وبكل قوة لمدة طويلة وسيطرة كاملة أو شبه كاملة على الأرض.
ثالثا: تغير مفاجىء في الموقف الأمريكي مما سيؤدي لاستجابة جمبع الأطراف للحل، خصوصا موقف نتنياهو وحكومة الاحتلال.
أو قد يحدث شيء آخر غير متوقع(خارج الصندوق) كمعجزة لا يعلمها إلا الله جل وعلا.
وسنستمر في كتابة أسطر النهاية وحكاية شعب عظيم آمن بعدالة قضيته الوطنية.
حفظ الله شعبنا ووطننا

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *