سلام مندهش من تمويل الحزب.. وواشنطن تفوّض إسرائيل المواجهة
مسؤولين كبار في الحكومة اللبنانية سمعوا وفي مقدّمهم رئيسها نواف سلام
الذي عبّر عن دهشته من قدرة الحزب على إنفاق أكثر من مليار دولار خلال أقل من تسعة أشهر أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح سلام أن الحزب اعتمد آليات لتعويض المتضررين تعكس مستوى عالياً من التنظيم والإدارة، وتؤكد في الوقت نفسه توافر السيولة المالية لديه. وما يجري على الأرض، بحسب ما نُقل، لا يدل إطلاقاً على وجود أزمة مالية حقيقية لدى حزب الله، بل يوحي بأن طرق تدفّق الأموال إليه من الخارج لا تزال فاعلة، وأنه نجح في الالتفاف على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، أو تلك التي فرضتها مؤسسات مالية وأمنية عربية ودولية.
هذه النقطة بالتحديد تحظى باهتمام خاص لدى الأميركيين، ولدى برّاك شخصياً، والذي وصل به الأمر في مقابلته الأخيرة إلى الحديث عن تدفّق ما يقارب 60 مليون دولار شهرياً إلى حزب الله، داعياً إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذا التمويل. وتزامنت تصريحاته مع كلام منسوب إليه، مفاده أن عملية إعادة الإعمار في الجنوب ستبقى رهينة قرار إسرائيلي، وأنه حتى لو أعلن حزب الله عزمه على عدم انتظار الدولة اللبنانية للبدء بالمشاريع، فإن الظروف الميدانية ستمنعه من تنفيذ خطته.
وفي كلام برّاك تهديد واضح، إذ يشير إلى أن إسرائيل هي من سيتولى عملياً منع عملية الإعمار، وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية لتطاول أكثر من منطقة لبنانية، وليس فقط في القرى الأمامية.
كذلك، فإن مشكلة برّاك ترتبط أيضاً بإحباطه الشخصي. فبدل أن يقرّ بوجود حائط مسدود في إسرائيل أمام جهوده، عاد ليكرّر معزوفته المعتادة بأنه لم يطلق يوماً أي وعد بقدرته على كبح جماح إسرائيل. وعندما يناقشه المقرّبون في هذا الأمر، يشير إلى ما يحدث في سوريا، حيث يصطدم مع التوجّه الإسرائيلي لتقسيمها، مُقِرّاً بأن أركان الدولة في واشنطن يقفون إلى جانب إسرائيل بلا تحفّظ.
ومع ذلك، يحاول القيام بخطوات ذات طابع إداري لتعزيز موقعه، مثل مسعاه لإبعاد مورغان أورتاغوس عن تفاصيل الملف اللبناني، أو إدخال تعديلات كبيرة على فريق مساعديه في تركيا. غير أن برّاك ليس بارعاً في السياسة، وهو ما ظهر جلياً خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان برفقة السيناتور الصهيوني ليندسي غراهام، حيث اضطر إلى التزام الصمت أمام تصريحات الأخير التي شدّد فيها على أن إسرائيل ليست في موقع تُمارَس عليها الضغوط، بل إن لبنان هو من يجب أن يخضع للإملاءات الأميركية إذا أراد إنقاذ نفسه.
العودة إلى الحرب
في هذا السياق، يمكن فهم الأبعاد الجديدة للمسار السياسي القائم. ففي واشنطن، التي دفعت وسعت لإيصال الرئيس جوزيف عون إلى قصر بعبدا، يبرز في هذه المرحلة اهتمام أكبر برئيس الحكومة، إذ سمع زوار العاصمة الأميركية كلاماً صريحاً بأن سلام يُظهِر مواقف أكثر صلابة من عون في مواجهة تحالف الرئيس نبيه بري وحزب الله.
ومع أنّ عون سعى إلى تسويات مع الحزب لتفادي أي صدام داخلي، إلا أن الأميركيين، العارفين بتركيبة الجيش اللبناني، لا يعيرون اعتباراً للحسابات الداخلية. فهم يرون أن في لبنان مؤسستين يجب أن تبقيا تحت وصايتهم المباشرة: الجيش ومصرف لبنان، وبالتالي فإن أي دعم لهما سيظل مشروطاً بحجم مساهمتهما في محاصرة حزب الله.
في الشقّ المالي، لم يتّضح بعد حجم الطلبات الجديدة التي قد يطرحها الحاكم كريم سعيد لمواجهة «مالية حزب الله». أما في الجانب العسكري، فإن الأميركيين، كما كثير من القوى اللبنانية، يدركون عجز الجيش عن تنفيذ مهمة كبرى بحجم نزع سلاح الحزب. ولذا قد تقبل واشنطن بتحييد الجيش نسبياً حفاظاً على وحدته، على أن تُلقى المسؤولية على القيادات السياسية.
ومع ذلك، تشير النقاشات في الغرف المغلقة والتصريحات العلنية إلى أن الولايات المتحدة سلّمت الأمر لإسرائيل، واضعة على عاتقها إيجاد السبل لمعالجة هذه «المشكلة».
وعند هذه النقطة تحديداً، برزت مجدّداً تسريبات غربية تتحدّث عن نية إسرائيل تنفيذ عملية برية واسعة، هدفها الأول إحكام السيطرة على كامل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني والتأكّد من خلوها من السلاح والمقاتلين. وبعدها، الانتقال إلى ممارسة ضغوط ميدانية وعسكرية على مناطق شمال الليطاني، تمهيداً لفرض ترتيبات أمنية جديدة انطلاقاً من الواقع الجديد.
واشنطن غير معنيّة بتحصيل أثمان من إسرائيل، وغضبها
يزيد على أركان
الحكم في لبنان
ويشير المتصلون بالجانب الأميركي إلى أن واشنطن تتصرّف على أساس أن إسرائيل ليست في وضع يمكن لأحد أن يفرض عليها خيارات سياسية أو عسكرية، وأن في الولايات المتحدة قناعة أو تسليماً، لا فرق، بأن إسرائيل اتّخذت لنفسها مساراً لن يقف على خاطر أحد، وأن من قرّر ونفّذ العدوان على قطر، لن يتردّد في القيام بما يعتقد أنه مناسب له، في لبنان أو غيره.
🧾 LaBamba News