عودة الى نهج الاستقواء!…مرسال الترس

عودة الى نهج الاستقواء!…مرسال الترس

موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٧/٣ما هي الأسباب الحقيقية التي حالت دون الوصول إلى لبنان المثالي، على الرغم من مرور ثمانية عقود ونيف على استقلاله عن المستعمر الفرنسي!

الأجوبة تأتي من الوقائع التي تتالت وعكست استقواء فرقاء على آخرين، ومعظم الوقت بالاتكاء على خارج لم ولن يفكر يوماً الاّ بمصالحه واستراتيجياته التي تصب في معظم الأوقات مع حليف محوري هو العدو الاسرائيلي.

فمنذ الخطوات الأولى للجمهورية، برع المسيحيون في الاستقواء بـ”الأم الحنون” فرنسا على الآخرين، فتمسّكوا بمعظم مفاصل الدولة وكأنهم مجموعة متميزة ومخلصة لهذا اللبنان الجديد أكثر من بقية المواطنين، حتى إنتهى بهم الأمر بعد نصف قرن “خارج الدولة” وفق نصائح رجال مذاهبهم، فيما تجرأ أحد أهم زعماء الطائفة الدرزية وليد جنبلاط على نعت المجموعة الأكبر بينهم، الموارنة، بأنهم “جنس عاطل”.

بعد الطائف، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، انتقلت الدفة إلى المسلمين السّنة الذين استقووا، أولاً، وخلال فترة الحرب الأهلية منتصف السبعينات، بالمسلحين الفلسطينيين، ومن ثم بالمملكة العربية السعودية التي تمثّلت بشخص رفيق الحريري، الذي هبط عليهم كرئيس لايُرد له طلب في رئاسة السلطة التنفيذية، إلى حين صدمتهم الكبرى باستشهاده عام 2005، ليتراجع حضورهم السياسي تدريجياً عبر نجله سعد الذي قرّر لاحقاً الاعتزال من السياسة، في حين فوجئ الجميع في الفترة الأخيرة بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالتحدث عن “غبن” الطائفة، على الرغم من وجود الرئيس نواف سلام في السراي. ولعله سيستقوي برئيس سوريا الجديد أحمد الشرع، الآتي من عباءة التطرف الديني، بعد الحديث عن نيته بزيارته قريباً في دمشق على رأس وفد علمائي.

بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري كانت قد اكتملت صورة “الثنائي الشيعي” المتكئ على إيران، ليستقوي بسلاحه الذي انطلق في العام 1982 على هامش احتلال العاصمة بيروت من قبل العدو الاسرائيلي، وليتوج “تاج” استقوائه بالسلاح عندما نجح في إجبار العدو على الانسحاب من الأراضي اللبنانية، لتأتي نتائج “حرب الاسناد” بمثابة الضربة القاصمة لكل ما بناه في العقود الأربعة الماضية، ومنها تحاول أميركا، ومعها “إسرائيل”، بعد حربها “النووية” على ايران، حرمانه من جناحه العسكري إلى غير رجعة.

واليوم تسعى القوى التي تسمي نفسها “سيادية”، المستقوية بمنظمات الـNGOs المكتومة الأهداف والتمويل، إلى إفراغ الدور الشيعي من مقومات قوته عبر انتخابات المغتربين الملتبسة النوايا، حيث وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري اقتراحات نواب المجموعة بـ”الكمين”، فيما إنبرى جنبلاط الأب إلى التحذير من مخاطر طروحات هذا الفريق المتكئة على “عملية سلام (موهوم) في المنطقة”، مذكراً بسيئات القوانين السابقة التي كانت تحاك بهدف تغيير موازين وتطويق قوى معينة واستهداف أخرى، مشدداً على وجوب عدم تكرار مثل هذه التجارب تحت أي مبرر لأنها لم تنتج إلا أزمات سياسية”!

وعلى هذا المنوال سيبقى لبنان أسير التناطح بين مقوماته، ولا يبدو أنه سيصل إلى المثالية المتمثلة بمواطنية صادقة ما تزال بعيدة جداً عن جوهر ديمومته!

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *