هل ساءت العلاقة بين بعبدا وبكركي؟…
مرسال الترس
موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٨/٧
كان قاسياً جداً الكلام الذي أطلقه البطريرك الماروني بشارة الراعي من إهدن، الأسبوع الماضي، عندما تساءل: “ألا يحتاج لبنان اليوم إلى رجال دولة لا رجال صفقات، إلى قادة يحكمون بالضمير لا بالمصلحة؟”. الكلام جرى تفسيره أنه يطال العهد ورجاله بشكل أو بآخر، مهما جرى تلطيف المبررات لهكذا كلام، بينما يجهد الرئيس جوزاف عون من أجل تمرير هذه المرحلة المعقدة بأقل قدر من التصدعات في التركيبة اللبنانية الأكثر تعقيداً.
وقد وُضع كلام البطريرك الراعي في خانة من إثنتين لا ثالث لهما:
أن تكون العلاقة بين بكركي وبعبدا قد تدهورت الى نقطة اللاعودة، على الرغم من أن رئيس الجمهورية شارك شخصياً في أهم المناسبات الدينية التي إقيمت في الصرح البطريركي منذ توليه سلطاته الدستورية في مطلع هذه السنة، وأن البطريرك الراعي زار قصر بعبدا ثلاث مرات في سبعة أشهر فقط، وكان حريصاً في عظاته ومواقفه على الاشادة بالعهد وسيده، وعلى المهمة الصعبة الملقاة على كاهله. فلماذا تغيّر لإطلاق هذا الكلام الذي صنّفه البعض كـ “الرصاص المدمدم” الذي لا يمكن الشفاء منه؟ ولماذا التشكيك بقدرة العهد على تخطي التحديات القائمة؟
أن يكون سيد بكركي متناغماً بما قاله، عن “غير قصد”، مع موقف حزب “القوّات اللبنانيّة” الذي حذّر، على لسان أحد نوابه، من أن “الرد على أي 7 أيار جديد سيكون عبر الدولة والجيش.. وإذا اقتضت الحاجة، عبر القوّات اللبنانية”!
فهل حزب “القوات اللبنانية مهيأ “عسكرياً” للانخراط في مواجهة أي “7 آيار” جديد”؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن لديه سلاحاً يجب تسليمه في هذه المعمعة، كما فعل “الحزب التقدمي الاشتراكي” وفق ما اعلن رئيسه السابق وليد جنبلاط. وإلاّ ما الحاجة لهذه التعابير التي تفاقم الأمور تعقيداً وتزيد إتساع الشرخ بين بعض المكونات اللبنانية، في حين أن “إسرائيل” لن تقبل بأوساط الحلول، وتحاول بكل ما تملك من عبقرية تدميرية إحداث الشروخ العميقة في الجسم اللبناني!
أياً تكن المعطيات، فإن المرحلة تتطلب تفسيرات واضحة للكلام الذي تم إطلاقه، وإلاّ فإن كل المؤشرات تدّلل على أن البلاد مقبلة على ظروف مشابهة لمراحل سابقة من الصراعات التي يبدو أن العديد من القادة والزعماء لم يتعلموا أبداً من مثيلاتها في ما مضى، فيما “لبنان الكبير” يقف على “سكة” الشرق الأوسط الذي يُعاد رسم خرائطه في محافل إقليمية ودولية لا تعنيها أي خطوط حمراء، ولا يهمها الاّ تنفيذ مخططاتها الجهنمية!