عندما مهدت “إسرائيل” الطُرُق للآخرين!

عندما مهدت “إسرائيل” الطُرُق للآخرين!

مرسال الترس

موقع “الجريدة”

“العفو عند المقدرة من شيم الكرام”. عبارة تتضمن كمّاً كبيراً من النُبُل ورُقيّ الأخلاق، بما تحتويه من المسامحة التي هي أسمى القيم التي يتمتع بها قلة من الناس الذين تكون لديهم القدرة على الانتقام فيختارون العفو والإحسان.

ولكن هذه العبارة كانت بعيدة كل البُعد عما جرى في السنتين الأخيرتين من حرب مفتوحة على قطاع غزة الذي كان يضم مليونين ونصف المليون إنسان. باتوا يفتشون عن حبة دواء، أو قطرة ماء، لأنهم محاصرون ضمن بقعة محدودة، ومن السهل جداً على من يرغب بإيذائهم أن يفعل ذلك بسهولة، في وقت كان العالم كله يقف متفرجاً. لا بل أن جزءاً بارزاً منه كان يزوّد بمختلف أنواع الاسلحة جيش الاحتلال الذي يُعتبر السابع في العالم من حيث القدرات العسكرية، والذي اقترف شتى أنواع الممارسات غير الإنسانية على شعب شبه أعزل، جرى تهجيره عشرات المرات من منطقة إلى أخرى من أجل دفعه إلى ترك أرضه.

وعلى خلفية ما جرى، استسهلت قوات الاحتلال استباحة العاصمة اللبنانية بيروت بعد استهداف رأس المقاومة، وكذلك فعلت بالنسبة إلى العاصمة السورية دمشق بعد الإطاحة بالنظام السابق، وصولاً إلى العاصمة الإيرانية طهران واستهداف العديد من رموز سلطتها إثر مساهمة الطائرات الأميركية في قصف المواقع النووية بأعتى القنابل، ولاحقاً الدوحة عاصمة دولة قطر بحجة ملاحقة رموزٍ في حركة “حماس” بالرغم من وجود أضخم قاعدة عسكرية أميركية على رمالها. لا بل إن الاحتلال يتوعد أي عاصمة قد يرى فيه تهديداً لأمنه الاستراتيجي.

هذه العربدة الإسرائيلية، غير المسبوقة في الصراعات والحروب على صعيد الكرة الأرضية، فتحت الباب ومهدت الطُرُق لآخرين باعتبار هذه الأساليب “عِلماً عسكرياً” متجدداً، لجأت إليه مؤخراً بعض الدول، وقد يصبح نموذجاً يُحتذى في الآتي من الحروب.

كانت الخطط العسكرية المتعارف عليها بين الجيوش، ترتكز على مواجهات عبر الحدود بعيداً عن المدن، وذلك لإبقاء المدنيين بعيدين عن الاستهدافات، وهو ما تركز عليه المواثيق الدولية. لكن الطائرات الحربية الباكستانية قد قطعت مئات الكيلومترات كي تقصف العاصمة الأفغانية كابول إثر صراع الحدود، فيما كانت الطائرات الحربية الأميركية تلاحق الزوارق في المياه الاقليمية لكل من فنزويلا وكولومبيا بحجة أنها تنقل المخدرات، الأمر الذي دفع المواطنين الكولومبيين إلى مهاجمة السفارة الأميركية في عاصمة بلادهم بوغوتا. وبالأمس هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فنزويلا بعمل عسكري، وإذا قرر قصف العاصمة كاراكاس فلن يستطيع أحد سؤاله “لماذا؟”!

وباتت هناك شبه قناعة بأن الممارسات العسكرية الشاذة التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط خلال العامين المنصرمين، قد تتحول إلى مبادئ عسكرية لدى الآخرين!

شارك المقال

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *