لم تنتهِ الحرب…!…
بقلم الصحافي مرسال الترس
موقع “الجريدة” في ٢٠٢٥/٤/١٧
في “اليوبيل الذهبي” لذكرى إنطلاق شرارة الحرب في لبنان في 13 نيسان 1975 عبر “بوسطة عين الرمانة”، تكاثرت مواقف القيادات السياسية، كما كل عام، وتضمنت العبارات الطنانة الرنانة التي تدّعي “الحرص على المصلحة الوطنية” و”نبذ الفتنة” و”رفض العودة إلى لغة الاقتتال”، ولكنها لم تسأل نفسها يوماً “ماذا قدّمت للوطن من أجل ذلك؟”، مع العلم أن معظمهم لم يدّخروا مناسبة إلاّ ونفثوا أحقادهم ضد بعضهم البعض، لاستذكار تلك الواقعة أو ذاك التاريخ غير المشرّف من الحرب والتقاتل، ولكن ربما بسبب هَوَس في نفوس العديد منهم المرضى جداً بالطائفية والمذهبية.
لم يستطع اللبنانيون الخروج من تلك المحطة المؤلمة في تاريخهم، رغم ادعاءاتهم بالانفتاح وفهم الآخر، والأمثلة كثيرة ومنها:
– كلهم يدّعون الحرص على الدولة وسيادتها، ولكن كلاً منهم انتهك السيادة أسوأ انتهاك، ولم يُقدم على إتخاذ أي خطوة لتعزيز حضور تلك الدولة الموعودة إلاّ بما يخدم رؤيته!
– لم يستطيعوا التوصل إلى صيغة تترجم لهم معنى عبارة “المقاومة”، فكل فريق منهم يتبجح أنه “قاوَم”. وإذا عدنا إلى لب الموضوع فهم يبرعون في “مقاومة” بعضهم البعض أكثر من مقومة أي “عدو” آخر.
– يشدد بعضهم اليوم على وجوب تسليم “سلاح المقاومة” للدولة، ولكن في الحقيقة أن كلاً منهم يود الاحتفاظ بسلاحه الخاص ـ ولو كان خنجراً ـ ليطعن به غريمه الذي قد يكون في غالب الأحيان شريكه في المواطنية.
– يعلنون جهاراً ونهاراً أنهم يرفضون الفتن والإنقسامات، ولكنهم لم يوفروا لحظة في التعبير عن الكراهية التي بداخلهم تجاه الشريك في الوطن عندما يلمسون أنهم حققوا خطوة متقدمة على ذاك الشريك.
– البعض يعتبر الذكرى كجرس إنذار ـ وهي بالفعل كذلك ـ لأن العديد من الوجوه السياسية التي تدّعي أنها حملان في الوطن، لم تدّخر أي جهد في لحظات معينة للتضحية بكل شيء من أجل حماية أدائها التي شابته العديد من الموبقات.
– يبالغون في الإعلان عن رفض الوصايات والمحاور، ولكنهم جميعاً لجأوا إلى هذه الوصاية أو ذاك المحور إذا كان يؤمّن لهم تحقيق الوقوف على درجة أعلى من سواهم.
– يسهبون في الحديث عن سيادة القانون واستقلالية القضاء، ولكنهم لم يوفروا مناسبة لنحر القضاء عندما يقف سيف العدالة فوق رؤوسهم أو رؤوس من يعنيهم.
معظم اللبنانيين يرددون منذ خمسين سنة عبارات”تنذكر وما تنعاد”، أو “تنذكر حتى ما تنعاد”، لكنهم في قرارة نفس كل منهم رغبة في الإعادة عبر ظروف تخدم مصالحه وتطلعاته للتفوق على شريكه في الوطن، إن عبر هذا الاتفاق أو ذلك الصراع أو تلك الحرب.
ربما أنهم ينتظرون “يوبيلاً ذهبياً” آخر للإقتناع بالحقائق؟